على الرغم من تبادل رسائل التهدئة بين السلطين في الجزائر وفرنسا، لم تمنع الضغوط الجزائرية على فرنسا بورقة “انتهاكات فترة الاستعمار” برلمان هذه الأخيرة من إصدار تقرير سياسي لا شك أنه سيثير غضب القادة الجزائريين من جديد.
والتقرير يقلل من حقيقة استقرار الوضع السياسي في الجزائر، ويحذر من حرب محدودة بينها والمغرب.
تقرير يتشاءم سياسياً ويحذر عسكرياً
يقول التقرير الفرنسي، حسب “اندبندنت عربية” إن الوضع السياسي الجزائري يدعو إلى التشاؤم وإن “الجزائر تقف في المنعرج، إما نجاح الانتقال السياسي أو الغرق في الفوضى”.
ويلفت إلى أن القراءات مبنيّة على شهادات خبراء وممثلين لوزارة الدفاع الفرنسية، منهم الملحق العسكري الفرنسي في الجزائر، مضيفاً أن هامش المناورة أمام النظام السياسي تراجع بسبب ضعف مداخيل المحروقات وتآكل احتياطي الصرف، إضافة إلى تبعات الأزمة الصحية.
وحسب نفس المصدر، يورد التقرير الذي حمل عنوان “رهانات الأمن في البحر الأبيض المتوسط” وقد أُنجز لمصلحة لجنة الدفاع في الجمعية الوطنية الفرنسية، أن العزوف عن التصويت في الانتخابات التشريعية يعبّر عن عدم ثقة سياسية، معتبراً أن استقرار الجزائر يعتمد على قدرة النظام على الاستجابة للتطلعات المشروعة للشعب، لأنه بخلاف ذلك من غير المستبعد وقوع فوضى كبيرة على المدى المتوسط. ويتطرق التقرير إلى ما يسمّيه بـ”الاختفاء المفاجئ” لنظام حزب جبهة التحرير الوطني، المتحكم في مقاليد الدولة، مستنتجاً أن ذلك لا يمكن أن يتم من دون جرّ البلد إلى الفوضى.
وفي السياق ذاته، يقول محررا التقرير، وهما البرلمانيان جون جاك فيراري من “حزب الجمهوريين” وفيليب ميشال كليباور من “الحزب الديمقراطي الحر”، إن الجانب الجزائري يتوجس من تطورات الوضع في منطقة الساحل، ومن مشروع فرنسا القديم المتمثل في إنشاء دولة الطوارق أو الأزواد الكبرى.
ويخصص التقرير حيّزاً مهماً لموضوع القدرات العسكرية الجزائرية وسباق التسلح القائم مع المغرب، مع اهتمام خاص بتنامي القوة البحرية التي كشف عن توافرها على أسطول من طرادات وفرقاطات وغواصات، إضافة إلى أنظمة رادارات متطورة وأنظمة دفاع جوي قوية، مشيراً إلى أن الجزائر أنفقت حوالى 100 مليار دولار خلال 10 أعوام لتحديث جيشها وترسانتها.
في أقل من 3 أسابيع عن اعتماد “مشروع قانون الاعتذار” وجاء التقرير الفرنسي الجديد في أقل من ثلاثة أسابيع من مصادقة الجمعية الوطنية الفرنسية بـ122 صوتا الأربعاء 9 فبراير الجاري على مشروع القانون الخاص بالاعتذار من الحركيين الذين قاتلوا لصالح الجيش الفرنسي خلال حرب تحرير الجزائر (1954-1962).
ويذكر أنه في 26 كانون الثاني/يناير، صادق مجلس الشيوخ الفرنسي بإجماع المصوتين على قراءة أولى لنص مشروع القانون. والمشروع، حسب “فرانس 24″، عبارة عن ترجمة قانونية لخطاب الرئيس إيمانويل ماكرون الذي ألقاه في 20 سبتمبر/أيلول في قصر الإليزيه بحضور ممثلين للحركيين، ويمثل اختبارا لضمير فرنسا في مواجهة “مأساة الحركيين”.
ووحسب نفس المصدر، يشمل مشروع القانون خطوات رمزية وأخرى عملية، ويعترف بـ”الخدمات التي قدمها في الجزائر الأعضاء السابقون في التشكيلات المساندة التي خدمت فرنسا ثم تخلت عنهم أثناء عملية استقلال هذا البلد”.
وجند ما يصل إلى 200 ألف من الحركيين كمساعدين للجيش الفرنسي خلال الحرب بين عامي 1954 و1962. كما يعترف النص بـ”ظروف الاستقبال غير اللائقة” لتسعين ألفا من الحركيين وعائلاتهم الذين فروا من الجزائر بعد استقلالها.
وحسب القناة الفرنسية، ينص مشروع القانون على “التعويض” عن هذا الضرر مع مراعاة طول مدة الإقامة في تلك الأماكن. ويشمل التعويض “المقاتلين الحركيين السابقين وزوجاتهم الذين استقبلوا بعد عام 1962… في ظروف غير لائقة، وكذلك أطفالهم الذين جاؤوا معهم أو ولدوا هنا”، وفق ما أوضحت مقررة مشروع القانون باتريسيا ميراليس المنتمية لحزب الرئيس “الجمهورية إلى الأمام”.
ورُصدت خمسون مليون يورو في مشروع موازنة العام 2022 لصرف التعويضات.
وأضافت ميراليس “نقدر أنه يمكن تقديم ستة آلاف ملف اعتبارا من عام 2022، 2200 منها لقدامى المحاربين الحركيين وزوجاتهم وأراملهم”، وأوضحت أنها ستدافع عن تعديل “لدمج حالات معينة لا يشملها التعويض في النسخة الحالية”.
وفي 2018 تم إنشاء صندوق تضامن بقيمة 40 مليون يورو على مدى أربع سنوات لأبناء الحركيين.