مواصلة لنهج التواصل المؤسساتي الذي تعتمده المديرية العامة للأمن الوطني خلال نهاية كل سنة، تدعيما منها لشرطة القرب، وتعزيزا لانفتاح المؤسسة الأمنية على محيطها الخارجي، وتوطيدا لمرتكزات الحكامة الأمنية والإنتاج المشترك للأمن، تستعرض مصالح الأمن الوطني حصيلتها السنوية برسم عام 2022، في مختلف المجالات والميادين التي تتقاطع مع انتظارات المواطنات والمواطنين من المرفق العام الشرطي، خصوصا في مجال تحديث الخدمات والبنيات الأمنية، والجهود المبذولة لتدعيم الشعور بالأمن ومكافحة الجريمة، وآليات التدبير الرشيد للمسار المهني لموظف (ة) الشرطة بما يضمن تمكينه من مناخ وظيفي مندمج يسمح له بالنهوض الأمثل بواجباته في خدمة قضايا الأمن، علاوة على استعراض المشاريع الـمسطرة في مجال الأمن العام برسم السنة الموالية.
وترسيخا لهذا المسار التواصلي، تستعرض المديرية العامة للأمن الوطني الخطوط العريضة لحصيلة سنة 2022 وفق المحاور الرئيسية التالية:
أولا: تطوير وتجويد الخدمات العمومية
1 – وثائق الهوية الإلكترونية… بوابة الانتقال الرقمي:
واصلت المديرية العامة للأمن الوطني، خلال السنة الجارية، مسار تطوير البنية التحتية للخدمات ذات الطبيعة الإدارية المقدمة للمواطنين والمقيمين الأجانب على التراب الوطني، وفي مقدمتها الوثائق التعريفية وسندات الإقامة والشواهد الإدارية. وقد تميزت سنة 2022 بمواصلة مسار الرفع التدريجي والكامل للإجراءات الاحترازية لمواجهة وباء كوفيد-19، وبالتالي استرجاع المستويات المتقدمة في إصدار وتعميم الجيل الجديد من البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، والتي يستفيد منها جميع المواطنات والمواطنين المغاربة بدون أي شرط يتعلق بالسن، وتسمح لهم بالاستفادة من خدمات التعريف بشكل مادي وحضوري، أو رقمي عن بعد باستعمال منظومة “الطرف الثالث الموثوق به للتحقق من الهوية” وفضاء “الهوية الرقمية” التي طورتها المديرية العامة للأمن الوطني.
و”منظومة الطرف الثالث الموثوق به للتحقق من الهوية”، هي آلية معلوماتية طورتها المصالح التقنية للأمن الوطني لتيسير ولوج المواطنات والمواطنين لمختلف الخدمات التي تقدمها القطاعات العامة والخاصة، بشكل يصون المعطيات ذات الطابع الشخصي، وتسمح لحامل بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية بالتعريف بنفسه والتحقق من هويته واستعمالها في مختلف المعاملات الإدارية والمصرفية بشكل آني وآلي ومؤمن لدى مزودي الخدمات، سواء بشكل حضوري باستعمال الحامل المادي للبطاقة المزود بشريحة إلكترونية تتضمن المعطيات التعريفية، أو عن بعد باستخدام منظومة “الهوية الرقمية”.
وتحقيقا للأهداف المنشودة من هذه المنصة المعلوماتية الخدماتية، طورت مصالح الأمن الوطني التطبيق المعلوماتي “هويتي الرقمية”، الذي يمكن تحميله على أنظمة تشغيل الأجهزة المحمولة الأكثر استعمالا على الصعيد الوطني، ويسمح لعموم المواطنين بإنشاء ومتابعة واستغلال هويتهم ضمن الفضاء الرقمي بشكل آمن وشخصي، انطلاقا من المعطيات المضمنة بالبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، كما تم تعزيز هذا التطبيق بإطلاق البوابة الرقمية التفاعلية «www. Identitenumerique.ma » على شبكة الانترنت، والتي تمكن بدورها المواطنين من الاستفادة من حزمة خدمات الهوية الرقمية بشكل سهل ودون الحاجة إلى تحميل التطبيق المعلوماتي على الهواتف النقالة.
وبعد تطوير هذه المنصات والتطبيقات الخدماتية، والتحقق من احترامها لمعايير الأمان المعلوماتية، ومن الحماية الدقيقة للمعطيات ذات الطابع الشخصي، شرعت الفرق التقنية للأمن الوطني في إطلاق حملة تواصلية مع الفاعلين العموميين والخواص للتعريف بخدمة “الطرف الثالث الموثوق به للتحقق من الهوية”، وتم إنشاء نموذج تجريبي افتراضي يسمح بالاطلاع على مكونات منظومة “الهوية الرقمية”، والتأكد من مدى ملاءمتها للحاجيات التي تستلزمها الخدمات المقدمة للمواطنين من ناحية التحقق من الهوية، علاوة على عقد شراكة محورية مع “وكالة التنمية الرقمية” لجعل خدمة “الهوية الرقمية” قاطرة لعملية الانتقال الرقمي للخدمات الإدارية العمومية المقدمة عن بعد لفائدة المواطنات والمواطنين، وهي الشراكة التي انخرطت فيها بشكل فعال اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.
وتتويجا لهذا المسار التشاركي في تبسيط الخدمات العمومية، وسعيا من المديرية العامة للأمن الوطني لتقاسم الخبرات التي راكمتها في مجال تدبير المعطيات التعريفية واستغلالها ضمن الفضاء الرقمي، عرفت سنة 2022 توقيع تسع اتفاقيات تسمح باستعمال منصة الطرف الثالث للتحقق من الهوية، مع كل من بنك المغرب والمجموعة المهنية لبنوك المغرب، وصندوق الإيداع والتدبير، والصندوق المهني المغربي للتقاعد، والهيئة الوطنية للعدول، والمجلس الوطني للموثقين، كما شمل هذا المسار إبرام اتفاقيات شراكة قطاعية مع كل من وزارة العدل فيما يخص استخراج السجل العدلي، والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، والبوابة الوطنية الموحدة للتجارة الدولية، ووزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني فيما يخص السجل الوطني الموحد للصناع التقليديين، في انتظار إبرام مجموعة أخرى من الشراكات مع العديد من المؤسسات المالية والتجارية والخدماتية التي تنتمي للقطاع البنكي والمالي والإداري، والتي يجري حاليا وضع اللمسات الأخيرة عليها من قبل الفرق التقنية والقانونية المشتركة.
ولمواكبة هذا النهج الخدماتي، واصلت المديرية العامة للأمن الوطني تنفيذ إستراتيجية تقريب وتعميم الاستفادة من البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية على عموم المواطنين، وقد شهدت سنة 2022 إحداث مركز جديد للقرب لتسجيل المعطيات التعريفية بمدينة “تاهلة”، والشروع في إعداد مركز مماثل بمنطقة الدريوش بضواحي مدينة الناظور، كما تم العمل، لأول مرة، في استغلال 27 وحدة متنقلة لإنجاز بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية، وهي عبارة عن مركبات نفعية مزودة كل واحدة منها بمنصتين لتسجيل المعطيات التعريفية للمواطنين، تم استغلالها في تنظيم حملات للقرب لإنجاز بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية لفائدة ساكنة المناطق البعيدة جغرافيا والجماعات القروية الجبلية في كل من تنغير وزاكورة والحسيمة وورزازات والحوز والرشيدية…، وقد بلغ مجموع المستفيدين من هذه الخدمة المتنقلة 164 ألف و978 مستفيدا.
وبلغة الأرقام دائما، سجلت السنة الجارية مواصلة الاستجابة السريعة والآنية لطلبات المواطنين للحصول على الوثائق التعريفية الإلكترونية والإدارية وشواهد الإقامة بالنسبة للأجانب، حيث تم إنجاز ما مجموعه 4.314.893 بطاقة وطنية للتعريف الإلكترونية من الجيل الجديد، من بينها 3.163.322 بطاقة تم إنتاجها بمركز الإصدار بمدينة الرباط، و 1.151.571 بطاقة وطنية أخرى تم إصدارها بمركز الإصدار الإضافي الذي تم إحداثه بمدينة مراكش في إطار سياسة القرب من المواطنين، كما تم أيضا إصدار ما مجموعه 455.981 بطاقة وطنية للتعريف الإلكترونية لفائدة أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، من بينها 1701 بطاقة للتعريف تم منحها لفائدة أطفال قاصرين، كما تم إصدار 1.463.690 بطاقة للسوابق، و38.813 وثيقة إقامة للأجانب، و12.273 تأشيرة ولوج للتراب الوطني و2365 رخصة إقامة استثنائية من الجيل الجديد لسندات الإقامة.
2- بنيات شرطية جديدة لتنويع العرض الأمني
لتدعيم البنيات الترابية المخصصة لشرطة القرب، وضمان المواكبة الخدماتية للتوسع العمراني بالأقطاب الحضرية الجديدة، أحدثت المديرية العامة للأمن الوطني خلال السنة الجارية 36 بنية أمنية جديدة، تمثلت في إحداث أربع دوائر للشرطة بمدن تطوان وطنجة وأكادير، مما مكن من تكثيف الحضور الأمني وتقريب الخدمات الشرطية بهذه المدن، كما تم تشغيل المفوضية للجديدة للأمن بمطار الناظور العروي، وإحداث أربع فرق جديدة لشرطة الدراجين، وكذا خلق ثلاث مصالح لمعاينة حوادث السير بمدن ميدلت وابن جرير والقصر الكبير، بالإضافة إلى إحداث 21 خلية جهوية لاستغلال التسجيلات السمعية البصرية التي توثقها كاميرات المراقبة الحضرية والكاميرات المحمولة من قبل موظفات وموظفي الشرطة، وذلك لاستعمالها في توطيد السلامة المرورية، وزجر الجرائم المرتكبة، وتدعيم الشفافية في عمل دوريات الشرطة.
وتدعيما لشرطة القرب بمدينة الدار البيضاء، افتتحت المديرية العامة للأمن الوطني خلال السنة الجارية “المركز الرئيسي للقيادة والتنسيق”، وهو عبارة عن مركب أمني مندمج يسمح بتدبير نظام كاميرات المراقبة بحاضرة الدار البيضاء، وضمان التتبع الرقمي لحركية النقل والتنقل داخل هذا القطب الاقتصادي والحضري، فضلا عن تسريع الاستجابة الفورية لنداءات النجدة الصادرة عبر خط الهاتف 19، وكذا ضمان التدبير الرشيد للتدخلات الشرطية والعمليات الأمنية بالشارع العام ضمن فضاء معلوماتي وعملياتي موحد ومندمج.
وعلى صعيد آخر، تم إحداث فرقتين جديدتين لتفكيك المتفجرات بكل من فاس والرباط، وتجهيزها بمركبات عالية التكنولوجيا وروبوتات ووسائل متطورة لرصد ومعالجة الأجسام الناسفة عن بعد، وسوف تعزز باقي الفرق المماثلة المحدثة بالعديد من المدن المغربية، كما أنها ستوفر الدعم التقني لجميع وحدات الشرطة التي تتعامل مع مسرح جريمة يشتبه في احتوائه على مواد متفجرة أو أجسام ناسفة.
وضمانا للنجاعة والجاهزية المطلوبة في مجال مكافحة الأنماط الإجرامية المستجدة، تم إحداث ثلاث فرق جديدة لمكافحة العصابات « BAG» بولاية أمن الدار البيضاء، وخلق فرقة مماثلة في كل من ولايات أمن فاس والرباط وأكادير والقنيطرة والعيون ومراكش وطنجة ووجدة ومكناس وبني ملال وسطات وتطوان، فضلا عن تعميمها كذلك بمصالح الأمن الجهوي والإقليمي بكل من مدن الداخلة والحسيمة وورزازات وتازة والرشيدية وأسفي والجديدة. وتميزت السنة الجارية أيضا بفتح الباب، لأول مرة، من أجل نقل تجربة فرق مكافحة العصابات إلى بنيات ترابية جديدة على المستوى المحلي، ممثلة في المناطق الإقليمية بكل من تمارة والناظور كمرحلة أولية، في أفق تعميم هذه التجربة قريبا على باقي المناطق والمفوضيات الأمنية بسائر التراب الوطني.