المحرر الرباط
كثيرة هي المنافع التي يجنيها الاتحاد الاروبي من علاقاته مع بلادنا، و من يعتقد أن الاروبيين يدعمون المغرب دون مقابل فهو واهم بطبيعة الحال، لان العلاقات الديبلوماسية دائما تكون في اطارِ رابح-رابح، و يتم انشاؤها بناءا على استفادات متبادلة، بل و في علاقات المغرب مع الاتحاد الاروبي هناك من يؤكدون على ان الرابح الاكبر هم الاوروبيون.
وقد يؤثر توقيف اتفاقيات الفلاحة و الصيد البحري سلبا على بعض دول الاتحاد الاروبي، خصوصا و أن صادرات المغرب من المنتجات الفلاحية و الاسماك، تشكل نسبة مهمة من حجم الاستهلاك الداخلي بالنسبة لنلك الدول، لكن ما يخشاه حلفاؤنا في الضفة الاخرى هو اعادة النظر في الاتفاقيات القضائية و الامنية، و ما إذا قرر المغرب توفير مجهودات رجاله في القضاء و الامن في التنسيق مع نظرائهم الاروبيين.
الاتفاقيات الموقعة بين المغرب و الاتحاد الاروبي، ساهمت بشكل كبير و فعال في تسليم المئات من المطلوبين للعدالة من طرف عشرات الدول الاروبية، و خصوصا فرنسا التي سلمها المغرب خلال السنوات الاخيرة مئات المبحوث عنهم على خلفية العديد من الجرائم بمختلف انواعها، و بما فيها التهرب الضريبي و الاتجار الدولي في المخدرات.
و في حالة ما قرر المغرب توقيف الاتفاقات القضائية، بسب ما وقع قبل مدة داخل البرلمان الاروبي، فسيكون له الحق في رفض تسليم أي شخص يطلبه الاروبيون بموجب مذكرات بحث دولية، و في المقابل ستوفر خزينة الدولة مصاريف ايواء هؤلاء طيلة مدة اعتقالهم التي تفوق الشهر و الشهرين في بعض الحالات.
الكثير من الخبراء يؤكدون على استحالة الغاء الاتفاقيات القضائية و الامنية بين المغرب و اوروبا، و يستدلون على ذلك بكون المملكة المغربية ظلت دوما تتصرف بحكمة و عقلانية، و تضع نصب اعينها المصلحة العامة و المساعدة قدر الامكان، بحيث من المستبعد أن يتخلى المغرب عن انسانيته و سمعته الامنية المشهود لها بالكفاءة، بسبب اساءة تعرض لها من طرف خصومه.
الاوروبيون يعلمون أكثر من غيرهم، بأن المغرب قد جنب دولا كثيرة حمامات دم كان المتطرفون يعتزمون القيام بها، و أن ما قدمته المخابرات المغربية من معلومات لنظيراتها الاروبية، يستحيل حتى تقييمها باموال الدنيا، خصوصا عندما يتعلق الامر بتحييد خطر يستهدف السياحة في بعض الدول، أو يسعى لضرب القلب النابض للبعض الاخر، و هو ما دفع بعضهم الى وصف تصرف البرلمان الاروبي بالمتهور و غير محسوب العواقب.
إن من يضع حرية مغتصب في الكفة المقابلة لكفة الامن و السلم داخل عدد من الدول الاروبية، انما يتلاعب بالامن القومي للعديد من الدول الصديقة لبلادنا، و التي تعتمد بشكل كبير على كفاءة مخابراتنا للحصول على المعلومة التي تعتبر منفذا لتحييد الاخطار و تفكيك الخلايا الارهابية الساعية الى ضرب القارة العجوز في مقتل، و لعل الجميع يعلم تفاصيل هذا الامر.
المجهودات التي تقوم بها المصالح الامنية و الاستخباراتية المغربية، للحيلولة دون تسلل المهاجرين الى الضفة الاخرى، كفيلة بأن يصوت البرلمان الاروبي على توشيح المغرب باوسمة البطولة، عوض التدخل في شؤونه الداخلية، و الضرب في مصداقية مؤسساته القضائية دفاعا عن المغتصبين و الجواسيس، و قد لا يختلف الكثيرون حول ان ما قامت به فرنسا قد ورط قارة باكملها في مشاكل مجانية مع دولة حليفة ظلت رهن الاشارة على مدى قرون.
و بلغة الرياضيات، فلا بأس ان نذكر الاوروبيين بأن الدولة التي حرضتهم على بلادنا، قد توفي المئات المغاربة في ساحة الحرب و هم يدافعون على أراضيها ضد النازية، و قد اصبح معمارها بذلك الحجم بفضل سواعد عشرات الالاف من المغاربة الذين ساهموا في تشييد فرنسا الحديثة، و هي نفس الدولة التي امتصت دماء المغاربة و ضختها في اجساد الفرنسيين كي يعيشوا اليوم في سلام.
نعم أيها السادة الاوروبيون، نحن من بنى فرنسا و دافع عنها، و نحن من. قدمنا المال و الارواح لتحارب فرنسا التوسع النازي، و نحن من اغتصب الفرنسيون اراضيهم فسامحناها و بادلناها السلام و التحية، لتبادلنا اليوم السم المدسوس في عسل الاتحاد الاروبي.