لماذا وشحت الدولة الفرنسية ثلاث مدراء بالمكتب الوطني للسكك الحديدية

المحرر الرباط

 

السواد الاعظم من المغاربة لا يعلمون بأن الجمهورية الفرنسية، التي تقف اليوم وراء تحرشات البرلمان الاروبي ببلادنا، قد وشحت ثلاث مدراء داخل المكتب الوطني للسكك الحديدية باوسمة لم تُوشح بها ضباطها في الجيش ولا حتى أولائك المغاربة الذين واجهوا هيتلر دفاعا عنها، و دفعو عنها خطر الاحتلال النازي.

و عندما نسمع بأن دولة كانت تستعمرنا، ولازالت تحاول السيطرة على قراراتنا السياسية و الاقتصادية، توشح مسؤولين في مناصب حساسة داخل مؤسسة عمومية، فلابد لنا أن نتساءل عن اسباب تلك التوشيحات، لان اعطاء فرنسا لوسام وطني لا يمكن أن يأتي من فراغ، ولابد أن تكون له مبرراته العلنية و الخفية داخل دولة تخشى الرأي العام، و تتفادى غضب ذوي الاستحقاق.

عندما نسمع بان الفرنسيين قد وشحوا عبد اللطيف حموشي، فإننا نعلم بان الرجل قد قدم خدمات امنية جليلة مكنت من الحفاظ عن الارواح و جنبت الجمهورية الفرنسية حمامات دم، بل و أن المديرية العامة للامن الوطني سلمت الفرنسيين مئات المجرمين الذين لم يتمكن أمنهم من توقيفهم.

و عندما نسمع بأن فرنسا قد وشحت مصطفى تراب، فقد يكون للامر علاقة بما استطاع المكتب الشريف للفوسفاط تحقيقه من نجاحات في مجالات تخصصه، و ما قدمه و يقدمه لفرنسا من خدمات واضحة و شفافة متعلقة بتأمين الاسمدة و المواد المستخرجة من الفوسفاط، في اطار التجارة التي تربطه بالعديد من الدول، ناهيك عن ان المكتب الوطني للفوسفاط يعتبر من بين المؤسسات الناجحة في بلادنا، و التي تساهم في ضخ الملايير من الدراهم في خزينة الدولة.

و إذا كان التوشيح بوسام وطني، لابد أن يرتبط بخدمات جليلة لفرنسا، نتساءل لماذا ستوشح هذه الدولة ثلاث مدراء داخل مؤسسة تجر أذيال الخيبة، و قد بلغت نسبة مديونيته ذات يوم المائتين في المائة، أي بمبلغ اجمالي يصل الى 42 مليار، في مشهد يوحي بان هناك جهات تسعى الى خوصصته و تسليمه للمستثمرين الاجانب بعدما صرفت عليه الدولة دم جوفها.

توشيح فرنسا لمكتب يساهم في استنزاف خزينة الدولة، و ينفق أكثر مما يربح، يدفعنا الى وضع الكثير من الاحتمالات، و يدفعنا الى الهمس في آذان من لهم ضمير و حب للوطن، الى التحقيق في الموضوع، خصوصا و أن المسؤولين الثلاث الذين تم توشيحهم هم ربيع لخليع صاحب المفاتيح و يده اليمنى و حارسة خزائن قارون داخل المكتب مديرة قطب المالية.

إن حجم الاموال التي استفادت منها الشركات الفرنسية داخل مكتب لخليع، وما تم تحويله من عملة صعبه نحو فرنسا عن طريق تلك الشركات، كفيل بشرح المغزى الحقيقي من هاته التوشيحات، و يجعل من يخدمون مصالح الفرنسيين قادرين على تبرير اسباب منح الاوسمة للخليع و من معه، و عدم منحها لكبار مدراء الشركات الفرنسية المساهمة باموال طائلة في المالية الفرنسية.

ما اقترفته فرنسا في حق المغرب، ابتداءا بتحرشات استخباراتها برموز بلادنا، و انتهاءا بالتحريض على المغرب داخل البرلمان الاروبي، يستلزم تدخل الجهات المعنية على خط وتيرة استنزاف العملة الصعبة عن طريق المكتب الوطني للسكك الحديدية، الذي فوت ملايير الدراهم لشركات فرنسية استخدمت فيما بعد للضرب في بلادنا و تقويض مجهوداتها في اتجاه بناء دولة ديموقراطية.

و قد تكون اعادة النظر في صفقات فرنسا داخل مكتب لخليع، أهم بكثير من اعادة النظر في علاقات برلماننا مع نظيره الاروبي، لأن تقليص حجم تلك الصفقات و قيمتها، و البحث عن شركات من دول اخرى سيوفر على بلادنا الجهد و المال و سيساهم لا محالة في محاربة العملاء داخل بلادنا، و من يدري، فربما قد يخلص اي تحقيق يفتح على هامش ما سبق ذكره الى اتصالات و جنسيات و تسريب معلومات… تماما كما حدث مع الباكوري.

صحيح أن توشيح المسؤولين الثلاث داخل المكتب الوطني للسكك الحديدية يعود لسنوات عندما كانت السفيرة الفرنسية السابقة تستقطب لفرنسا من يضمن لها لقمة العيش داخل صناديق الدولة، لكن المناسبة شرط، و ما قامت به فرنسا مؤخرا ضد المغرب، يدفعنا على الاقل الى اماطة اللثام عن الجوانب الخفية التي كانت تعطي العلف للغول من اموالنا و ساهمت في تغذيته حتى كبر و يريد اليوم أن يأكلنا.

 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد