سلطت ورقة بحثية أنجزها يوسف الهيشو، الباحث في الدكتوراه، من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، ونشرت في عدد ماي لمجلة “قضايا التطرف والجماعات المسلحة”، التي يشرف عليها المركز الديمقراطي العربي بألمانيا، الضوء على دور المغرب الهام في التصدي لجريمة الإرهاب ومساهمته في تحقيق الأمن القومي العالمي.
وأشارت الورقة أن المغرب تبنى مقاربة شمولية تجمع بين ما هو وقائي إصلاحي وقانوني أمني، إذ أبان من خلال مقاربته القانونية الأمنية عن اهتمامه المتزايد بمعضلة الإرهاب وتهديدها أمنه القومي الداخلي، سواء منه السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الروحي، وهو ما دعاه إلى تطوير منظومته الأمنية والاستخباراتية بمختلف مكوناتها ومستوياتها، لتشمل تكوين العنصر البشري الأمني وتأهيله في مجال الإرهاب والتطرف والرفع من قدراته ومهنيته، ثم تحسين ظروف عمله واشتغاله، وتجويد الوسائل التقنية الحديثة والمتطورة لاشتغاله؛ وكلها عوامل ساهمت إلى حد كبير في إيقاف المد الإرهابي بالمغرب، الأمر الذي بات يشكل استثناء في تجربته وحنكته في التدبير الجيد لملف الإرهاب والتطرف بالبلاد.
وأبانت الدراسة أن ارتباط استقرار المغرب بحكامة منظومته الأمنية والاستخباراتية، خاصة على مستوى التهديدات الإرهابية، سواء الداخلية أو الخارجية منها، لاسيما التهديدات الجديدة القادمة من الساحل الإفريقي والصحراء الكبرى، فرض عليه تغليب المقاربة الأمنية على الوقائية والإصلاحية؛ وذلك راجع بالأساس إلى تنوع مخططات التنظيمات الإرهابية وإحاطتها بجانب كبير من السرية والتعقيد.
وخلص الباحث ذاته إلى أن التجربة المغربية في التصدي للإرهاب لم تكن لتنجح لولا تركيزها بالدرجة الأولى على الفاعل الأمني والاستخباراتي، وهو ما يفسر نجاعة العمليات النوعية للأجهزة الأمنية المغربية المرتبطة بتفكيك خلايا إرهابية نائمة بشكل دائم ومستمر؛ ناهيك عن المعلومات الدقيقة حول التحركات السابقة والآنية والقادمة للعناصر والتنظيمات الإرهابية، التي توفرها هذه الأجهزة لنظيراتها في الدول الكبرى، خاصة أمريكا وفرنسا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا وإيطاليا وألمانيا؛ وهذا كله يدخل في إطار المقاربة الأمنية الاستباقية لتدبير ملف الإرهاب والتطرف الذي يعد من بين أولويات العقيدة الأمنية للمغرب.