المحرر الرباط
تقاليد و عادات ترسخت لدى المغاربة قاطبة، تفيد بأن الزيارة الملكية، غالبا ما يرافقها الخير و البركة الى أي مكان يحل فيه الملوك العلويين منذ قديم الزمان، و ان كان المغاربة يطمحون في جميع مدن المملكة الى زيارة ملكية، هم على يقين من انها ستكون فال خير على مدنهم، فان هذا الواقع قد انتقل الى عدد من الدول الافريقية، التي رافقت الملك خلال زياراته لها، الكثير من المشاريع و الخيرات، في اطار تمسك الملك محمد السادس بهويته الافريقية، و حرسه على أن يمارس واجباته كامير للمؤمنين دون تفرقة ولا عنصرية اتجاه ساكنة القارة السمراء.
و ان كان الملك محمد السادس، قد كفى و وفى، في تعامله مع ساكنة عدد من الدول الافريقية التي زارها منذ شهور، فان دولة مدغشقر قد حصلت على نصيب الاسد، بعدما وافق هذا الاخير على الجلوس مع رجال الاعلام في هذا البلد الشقيق، و الجواب على اسئلتهم، في سابقة هي الاولى من نوعها، بالنسبة لملك معروف بالعمل في صمت بعيدا عن البهرجات الاعلامية و الخرجات التي الف البعض تنظيمها لتسويق صورة كيفما كان نوعها، حيث أن اعلام مدغشقر و ان حق القول اليوم، من حقه أن يفتخر و أن يعتز بجلوسه مع أمير المؤمنين في لقاء صحفي حصري، ربما يعكس معزة مدغشقر و اهلها لدى صاحب الجلالة.
تاكيد الملك محمد السادس من خلال جوابه على احدى الاسئلة بخصوص المشاريع التي سيعمل على انجازها في مدغشقر، على أنها ستكون موجهة لجميع الساكنة و بغض النظر عن انتماءاتها العرقية أو الايديولوجية، يعكس عزم جلالته على ممارسة واجباته في اطار امير المؤمنين، الذي نجح في اعطاء كل ذي حق حقه في بلده، حيث يتعايش أزيد من أربعين مليون مغربي و أجانب، دون تفرقة ولا ميز عنصري، و هو مؤشر في نفس الوقت، على أن الملك محمد السادس يستحق فعلا أن يحمل لقب أمير المؤمنين، ليس فقط في المغرب، و انما عبر مختلف الدول الافريقية، التي اعترفت في مجملها بطيبوبة هذا الرجل، و تواضعه و اعتزازه بالانتماء للقارة السمراء.
من جهة أخرى، فان تصريحات الملك للصحافة الملغاشية، تؤكد على أن الغرض من اطلاق اتفاقيات تعاون بين المغرب و مدغشقر، تسوده مقاربة تشاركية، مبنية على التعاون و تبادل الخبرات، في وقت قطع فيه الملك الشك بالقين، عندما أوقف السفير المغربي في هذا البلد، لعدة اسباب لعل اهمها، ممارسته للعنصرية في التعامل مع أفراد الشعب الملغاشي، و تدخله في الشؤون الداخلية لهذا البلد، ما يؤكد على أن الملك يسعى فعلا الى النهوض بمستوى دولة مدغشقر، بعيدا عن الاساليب التي يروج لها الاعداء، و في احترام تام لخصوصيات الملغاشيين، الذين ابدوا انبهارهم بالملك محمد السادس.
من جهة أخرى، فان ما يقوم به الملك اليوم بدولة مدغشقر من أنشطة، يعكس اعترافا ضمنيا بجميل الشعب الملغاشي أثناء احتضانه للملك الراحل محمد الخامس، و تضامنه مع الشعب المغربي في وقت المحنة، و هو ما يحسب لدولة مدغشقر في تاريخ المغرب، حيث أن زيارة الملك للاماكن التي كان يقيم فيها جده المغفور له محمد الخامس، ابان سنوات المنفى، تعتبر تنقيبا في التاريخ المشترك للبلدين، و محاولة لبلورة هذا التاريخ، و جعله حافزا من شأنه أن يساهم في تطور العلاقات الثنائية بين المغرب و مدغشقر، و أن يعزز مجهودات الملك محمد السادس من أجل بناء قارة افريقية قوية و مستقبة بذاتها، بعدما أعلنت و بشكل نهائي القطع مع سنوات الاستعمار.
دولة مدغشقر الشقيقة، اليوم، تعيش على وقع طفرة تاريخية، لاشك انها ستكون منطلقا جديدا، سيساهم في الرفع من قيمتها على جميع المستويات، خصوصا المستوى الاقتصادي و الديني، هذا في وقت يعلم فيه الجميع ان الملك لازال يخفي في جعبته الكثير من المفاجات التي ستشكل الحدث بالنسبة للشعب الملغاشي بمختلف مكوناته، و التي ستعزز من علاقات مدغشقر بالمملكة المغربية، على امل أن تتحول هذه الجمهورية الى قاطرة تنموية يحسب لها الف حساب على المستوى الدولي.