كتب عبد الحميد جماهري، رئيس تحرير ومدير نشر يومية الاتحاد الاشتراكي، عموده “كسر الخاطر”، في عدد الجريدة الصادر، يومه الاثنين، أن عبد اللطيف الحموشي، لم ينتظر انتهاء أولمبياد باريس، حتى يتلقَّى ميداليته الذهبية عن المشاركة الأمنية الناجحة في هذا الملتقى الدولي الكبير، ذلك أن المدير العام للأمن الوطني تم توشيحه في يونيو الماضي، أي قبيل انطلاق الأولمبياد بأيام قليلة فقط ، وتسليمه ميدالية الشرف الذهبية من طرف الشرطة الفرنسية.
وفي مايلي عمود كسر الخاطر الذي كتبه جماهري:
عدنا من الأولمبياد ب3 ميداليات: برونزية للفريق الوطني، وذهبية للبقالي .. وثالثة مثلها للأمن الوطني!
▪️انتهت أولمبياد باريس، ولم يسجَّل أي حدث إرهابي أو مزعزع للأمن، يمس انتظاراته الرياضية أو أرواح الناس والممتلكات. وعلى عكس التخوفات التي رافقت هاته التظاهرة الرياضية، عادت الوفود إلى بلدانها وتصافحت بينها ولم يسجل أي حدث ذي طبيعة عنيفة أو إرهابية ..
ومن حق المغرب، الذي رافق هاته التظاهرة، أن يبدي نفس الافتخار الذي عبرت عنه البلاد عن سداد زمنها الوطني في تأمين تظاهرة المونديال في قطر.
لم ينتظر عبد اللطيف الحموشي انتهاء أولمبياد باريس، حتى يتلقَّى ميداليته الذهبية عن المشاركة في توفير شروط منازلات هذا الملتقى الدولي الكبير، ذلك أن المدير العام للأمن الوطني ومديرية جهاز الديستي تم توشيحه في 26 يونيو الماضي، أي قبيل انطلاق الأولمبياد بأيام قليلة فقط ، وتسليمه ميدالية الشرف الذهبية من طرف الشرطة الفرنسية…
وقد كان الحموشي قد انتقل الى فرنسا بدعوة من أجهزتها الأمنية في الفترة ما بين 26 و28 يوني ، وهناك التٍقى المدير العام بنظرائه الفرنسيين على رأس الشرطة الوطنية والأمن الداخلي والأمن الخارجي ، وهم سيلين برتون Céline BERTHON (المديرة العامة للأمن الداخلي)، ونيكولا ليرنر Nicolas LERNER (المدير العام للأمن الخارجي بفرنسا)، فريديريك فو Fréderic VEAUX، (المدير العام للشرطة الوطنية الفرنسية…)
جدول الأعمال الذي هم اللقاءات شمل تعزيز التعاون الثنائي في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، والرفع من مستويات التنسيق وتبادل المعطيات الاستخباراتية والعملياتية حول مختلف التهديدات الصادرة عن المنظمات المتطرفة وشبكات الجريمة العابرة للحدود الوطنية… ولكن النقطة الأكثر ارتباطا بالحدث كانت، ولا شك، ما دار بين الحموشي وفريديريك فو المدير العام للشرطة الوطنية الفرنسية. وفي صلبها وضع آليات استباقية لتقييم المخاطر وتبادل المعطيات على هامش العمل المشترك في تأمين الألعاب الأولمبية الصيفية بباريس .
وهكذا كان لعملٍ استباقيٍّ ناجحٍ، ميداليةٌ استباقيةٌ أيضا في مستوى الجدارة.. ولأداء استثنائي، ميدالية استثنائية كما ورد في الإشادة بأصحابها..
ولهذا تم إخبار الرأي العام هنا في المغرب وهناك في فرنسا بأنه :»تتويجا للتعاون المغربي الفرنسي المتميز في مختلف المجالات الأمنية، تم توشيح المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني بميدالية الشرف الذهبية للشرطة الوطنية الفرنسية بشكل استثنائي، وذلك اعترافاً بجهوده في توطيد وتطوير التعاون الأمني المشترك».
ومن «الرياضات» التي نالت إعجاب الفرنسيين، والأمنيين منهم والإعلاميين على وجه الخصوص، رصد المتفجرات والتنقيب عنها ونزع فتيلها وإبْطالها. ومن المقالات التي لا يمكن إغفالها، في هذا المسعى ما كتبته «لانوفيل تريبون» عن التثمين العالي الذي أبدته الشرطة إزاء ما قدمه الأمن المغربي.. وقد نقلت الصحيفة في مقال بعنوان «فرنسا تحيِّي عاليا الخبرة المغربية»، ما كتبته صوفي هيت مديرة التعاون الدولي للأمن في وزارة الداخلية وشؤون ما وراء البحار التي «أعربت عن تشكراتها وإعجابها بالعمل الذي قام به خبراء المتفجرات المغاربة». والتدوينة التي نشرتها السيدة هيت على صفحتها في LinkedIn أرفقتها بصورة لها رفقة أربعة من رجال الشرطة جنبا إلى جنب مع نظرائهم الفرنسيين.. في مدينة بوردو الفرنسية. وقد نوَّهت بالعمل إلى حد اعتبار أن «المغرب مرجعية في مجال المتفجرات ولهذا وجهت له وزارة الداخلية وما وراء البحار طلبا للمساهمة في دعم القوات الفرنسية ضمن المجهود الدولي لتأمين الاولمبياد»، وختمت تدوينها بالقول:»شكرا لشريكنا المغربي على مساهمته»!
المساهمة المغربية لم تكن مبنية على «التنافس»، العلني على الأقل، فرديا أو جماعيا ، بل على التعاون الذي لا يخلو من روح رياضية بطبيعة الحال.
ومن المشرف فعلا أن الفرنسيين نوَّهوا، في سياق متجدد من بناء الثقة مع المغرب، تَرافقَ والاعتراف الفرنسي بسيادة المغرب على صحرائه، بخبرة الفرق المغربية ضمن اتفاق دولي بين المصالح الفرنسية والمغربية وكان من ضمن أهدافه ضمان سلامة مواقع الأولمبياد والملاعب وقاعات الرياضة. وتأمين الأولمبياد همَّ كذلك ، وبالضرورة ، الرياضيين والمتفرجين ومواقع المنافسات الرياضية. وليس سرا أن فرنسا كانت متوجسة من الهجمات التي قد تستهدفها ، بعد أن تم وضعها ، لأسباب مبررة أو غير مبررة، على رأس الدول التي «تجب معاقبتها» نظرا لمواقفها.. من قضايا الشرق الأوسط..
ويجب التنبيه كذلك إلى أن فرنسا التي طلبت المساعدة المغربية واحتضنتها بالشكر، هي نفسها فرنسا التي قد تلقت رفضا قاطعا يكاد يكون مهينا من طرف المغرب الذي لم يقبل بمساعدتها أيام الزلزال!
في الواقع تأتي مساهمة الأمن الوطني في باريس امتدادا لما تحقق في تدبير كبريات التظاهرات الرياضية الدولية، كما التظاهرات الكبرى (القمم والملتقيات الدولية السياسية أو المناخية أو الاقتصادية .. التي لا يقل ضيوفها عن عشرات الآلاف من كل بقاع العالم فو ق تراب المغرب الإفريقي)..
ولعل ما يهمنا في الشرط المغربي هو تأمل نتائج الجدية وتحدي المسؤوليات وربط المسؤولية بالمحاسبة في توفير شروط التتويج حتى وإن لم يكن ذلك هو الهدف.
في هذه القصة الناجحة، يفرض علينا التزامن بين الحدثين الأمني والرياضي المغربيين فوق التراب الفرنسي، التأمل الهادئ والجريء . ومن ذلك أنه أمامنا منتوج وطني خالص، بأطر مغربية خالصة، مرتبطة بأفقها الوطني الخالص وبِموْردها البشري الخالص، يطرح علينا أسئلة عن الوجه الآخر للمداليات الغائبة، حول الفشل في مجال رياضي موجود أصلا للتنافس المستمر، في سياق يجب أن تطبعه الجدية والحرارة الوطنية والخبرة والتطلع إلى المزيد من النجاح الدولي.
نعرف مع الفقهاء أنه «لا مقارنة مع وجود الفارق»، لكنه فقه المقارنة نفسه، والذي لا يخلو من إغراء، هو الذي يدفعنا إلى تأملٍ مثل هذا..!.