المحرر الرباط
اذا كانت روسيا قد تقبلت تنحي الرئيس السوري عن منصبه، وبررت ذلك باتفاق مع الجهات المتطاحنة على السلطة، فإن الجزائر قد خسرت معركة جديدة على المستوى الدولي، خصوصا و أنها قد دعمت بشار الاسد منذ انفجار الاوضاع بسوريا قبل سنوات، و ضخت ملايير الدولارات لمساندة هذا الاخير في مقاومة معارضيه.
اختفاء بشار الاسد، و اعادة توضيب المشهد السياسي السوري، يضع الجزائر في موقف حرج، و يفقدها الكثير من النفوذ على المستوى الاقليمي، حيث كانت تجاهر بمساندة نظام دافع عنه الغرباء أكثر من ابناء الوطن، و هو ما سيفتح المجال للمملكة المغربية لتأسيس علاقات استراتيجية، و شراكات سياسية قوية باعتبار الحياد الذي ظل الملك يلتزم به اتجاه الوضع في سوريا.
علاقات الجزائر بسوريا، لم تتجاوز منطق علاقات نظامين متشابهين، تلاعب بهما الديناصور الشرقي لتحقيق مصالحه هنا و هناك، و انهيار نظام الاسد، يعني نهاية تواجد الجزائر بالمنطقة، و تراجع تأثيرها، ما يعني أن المؤسسة العسكرية، قد انفقت الملايير من الدولارات على نظام انسحب طواعية و تركها تواجه مصيرها وحيدة قبل الانسحاب الكلي من المنطقة.
ومن المتوقع جدا أن سوريا التي كانت تدرب عناصر من جبهة البوليساريو بشكل مستمر، ستسحب اعترافها بهذا الكيان، خصوصا بعد المواقف التاريخية للمملكة المغربية اتجاه الصراع السوري، و التي ظلت محايدة، لكنها لم تعارض الشعب السوري في تقرير مصيره، و لم تغلق ابوابها في وجه السوريين الذين فروا من جحيم الحرب و تهديد النظام.
العديد من السوريين الذين استقبلهم المغرب، و فتح لهم ابوابه، فتمكنوا من معايشة المغاربة، و الاطلاع عن قرب، على معدن هذا الشعب الشريف، سيعودون الى وطنهم، و من بينهم من سيساهم في اعادة بنائه، سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا، ما سيمكن بلادنا من سفراء سيدافعون عن المغرب و سيقصون لابناء جلدتهم ما صنعته بلادنا لاجلهم.
من جديد، يتفوق المغرب على الجزائر، و يثبت ان الرؤية الاستراتيجية لمن يحكمونه، يتم اتخاذها بكل هدوء، ودون التدخل في الشؤون الداخلية للاوطان، عكس الجزائر التي يصفها يصفها الكثيرون بالتهور، و المزاجية، و السكيزوفرينيا في المواقف، فالجزائر هي البلد الوحيد في العالم الذي يعلن تحالفه مع روسيا، و يمد ايطاليا بالغاز، و يساهم في قيادة هجوم على قواعد الروس بافريقيا….