أزمة قطاع السردين المعلّب: إفلاس يهدد مستقبل الصيد البحري في المغرب

شارك هذا المقال

المحرر الرباط

 

يشهد قطاع الصيد البحري في المغرب أزمة غير مسبوقة تهدد استمرارية عدد من الأنشطة الاقتصادية المرتبطة به، وعلى رأسها صناعة تعليب السردين، التي أصبحت تعاني من الإفلاس التدريجي. هذا الوضع المقلق يتزامن مع توقعات متشائمة تشير إلى إغلاق المزيد من المصانع بحلول سنة 2025، نتيجة عوامل متشابكة تعكس سوء التدبير والفساد المنتشر في القطاع منذ سنوات.

و بات من الضروري، اجراء دراسة لاحصاء عدد المصانع التي اعلنت عن افلاسها بالعيون و الداخلة و اكادير و اسفي و عدة مدن اخرى، خصوصا و أن هذا الوضع يضر بالاقتصاد الوطني و من شأن تفاقمه أن ينعكس سلبا على ميزانية الدولة الاي تعاني اساسا من العجز، المبرر في مجمله بالفساد و سوء التدبير و غياب ربط المسؤولية بالمحاسبة.

يعدّ نقص المنتوج المحلي السبب الرئيسي وراء تفاقم هذه الأزمة، حيث اضطرت مصانع السمك إلى اللجوء للاستيراد من دول إفريقية مثل موريتانيا والسنغال، مما أدى إلى ارتفاع كبير في كلفة الإنتاج. هذا الوضع زاد من العبء المالي على المصانع، التي أصبحت عاجزة عن مواجهة التكاليف المتصاعدة وسط منافسة شديدة في الأسواق.

في ظل هذه الظروف، يبدو أن استنزاف الثروة السمكية بطرق غير قانونية قد أسهم بشكل كبير في تفاقم الأزمة. هناك جهات معروفة تستغل آلاف الأطنان من سمك السردين عبر تمريرها على أنها غير صالحة للاستهلاك البشري ومخصصة لإنتاج دقيق السمك، بهدف التهرب من الضرائب. هذه الممارسات لم تكن لتستمر لولا غياب الرقابة وسوء التدبير الذي أتاح المجال أمام الفساد للتغلغل في القطاع.

وعلى الرغم من التطلعات التي رافقت إطلاق مشروع “المغرب الأزرق” لتطوير قطاع الصيد البحري، إلا أن المهنيين يعتبرون أن المشروع كان بمثابة كارثة حقيقية، حيث ركز على استغلال الثروات السمكية دون وضع استراتيجيات تضمن الاستدامة أو عوائد ملموسة للدولة. هذا النهج أدى إلى استنزاف مخزون الأسماك بشكل عشوائي، مما وضع القطاع بأكمله على حافة الانهيار.

 

في ظل هذا الوضع الحرج، تصبح الحاجة إلى تدخل عاجل من الجهات العليا ضرورة ملحة. إنقاذ قطاع الصيد البحري يتطلب إعادة النظر في السياسات الحالية، وتعزيز الرقابة على استغلال الثروة السمكية، ومكافحة الفساد المستشري. كما ينبغي دعم مصانع تعليب السمك التي تشكل جزءاً حيوياً من الاقتصاد الوطني. إن الحفاظ على هذا القطاع ليس فقط مسألة اقتصادية، بل هو رهان استراتيجي لضمان الأمن الغذائي والاستدامة البيئية للمغرب.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد