المحرر الرباط
في أكتوبر 2016، فضحت صحيفة “لوموند” الفرنسية واقعة مثيرة تتعلق بدور الجزائر في تسهيل نشاطات الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل. حسب الصحيفة، في عام 2014، كانت فرنسا على وشك القضاء على إياد أغ غالي، زعيم جماعة “أنصار الدين” في شمال مالي، أحد أخطر المطلوبين دولياً. لكن الجزائر تدخلت بشكل مفاجئ لمنع هذا الهجوم، وطالبت باريس بعدم استهدافه، بحجة أنها ستتولى معالجة الأمر بنفسها.
لكن ما حدث بعد ذلك كان مثيراً للجدل. لم يتم تصفية أغ غالي، بل اختفى لفترة قصيرة ثم عاد بشكل أقوى وأكثر تطرفاً. استعاد نشاطه الإجرامي وأعاد تنظيم صفوفه، ليقوم بتوسيع عمليات جماعته “أنصار الدين” تحت مسمى “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” (JNIM). هذا التنظيم أصبح له دور كبير في نشر الفوضى والإرهاب في منطقة الساحل، بما في ذلك مالي، النيجر، وبوركينا فاسو.
التساؤلات التي تطرحها هذه الواقعة تشير إلى دور الجزائر في عدم إضعاف التنظيمات الإرهابية التي تهدد الأمن الإقليمي. وفي وقت كانت فرنسا تحارب الإرهاب في المنطقة، بدا أن الجزائر كانت تتبنى سياسة غير مباشرة لتسهيل نشاطات هذه الجماعات. وقد أُثيرت العديد من الشكوك حول العلاقة غير المعلنة بين الجزائر وهذه التنظيمات الإرهابية، حيث يمكن تفسير تدخلها كجزء من أجندة سياسية تهدف إلى ضمان استقرار النظام الجزائري على حساب الأمن الإقليمي.
النظام الجزائري، الذي لطالما اتهم بالتمسك بسياسة “الحياد” في النزاعات الإقليمية، يتعرض لانتقادات متزايدة بسبب دوره في التأثير على مجريات الأمن في منطقة الساحل. من خلال السماح بتأجيل القضاء على أبرز قادة الجماعات الإرهابية، كانت الجزائر في الواقع تعزز من تواجد هذه الجماعات وتسمح لهم بتوسيع نشاطاتهم.
في سياق هذه الوقائع، يطرح المراقبون سؤالاً مهماً: هل الجزائر أصبحت فعلاً المظلة الآمنة للإرهابيين في الساحل؟ وهل تسهم في تفشي الإرهاب من خلال تواطؤ غير مباشر، أم أنها مجرد محاولات لتحقيق توازن سياسي على حساب الأمن الإقليمي؟
في النهاية، يتضح أن الجزائر، بقرارها منع فرنسا من تصفية أغ غالي، كانت تسهم بشكل غير مباشر في إطالة أمد الفوضى والإرهاب في منطقة الساحل. هذا التطور يثير العديد من المخاوف حول السياسة الأمنية الجزائرية، ويدعو إلى مزيد من التحقيقات لفهم أبعاد هذه العلاقات الغامضة وتأثيراتها على الاستقرار الإقليمي والدولي.