أزمة دبلوماسية جديدة: الجزائر تطرد دبلوماسيين فرنسيين وباريس تلوّح بالرد

المحرر الرباط

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً وأحدثت توتراً جديداً في العلاقات بين الجزائر وباريس، قررت السلطات الجزائرية طرد 12 دبلوماسياً فرنسياً من البلاد، وهو ما وصفته مصادر مطلعة بأنه قرار مفاجئ وصادم استقبلته الرئاسة الفرنسية بغضب شديد. وبينما تحاول الخارجية الفرنسية التعامل مع الموقف بحذر دبلوماسي، إلا أن أوساط قصر الإليزيه لا تخفي استياءها مما اعتبرته “إهانة غير مبررة ومخالفة للأعراف الدولية”.

هذه الحادثة تأتي في سياق مشحون بين البلدين، إذ يرى عدد من المحللين أن الجزائر اختارت التصعيد كوسيلة للضغط على باريس عقب التقارب الفرنسي المغربي الأخير، الذي لم يرق لصناع القرار في الجزائر. واعتُبر هذا التوجه من الجزائر امتداداً لسياسة “شد الحبل” التي دأبت السلطات على اتباعها في تعاملها مع فرنسا، في محاولة لإعادة فرض أوراقها في معادلة العلاقات الثنائية، وربما أيضاً لابتزاز تنازلات سياسية أو اقتصادية في ملفات إقليمية معقدة.

من جهة أخرى، يذهب مراقبون إلى اعتبار هذا التصرف جزءاً من استراتيجية داخلية تعتمد على توجيه الأنظار بعيداً عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد. فمع تفاقم الضغوط المعيشية وارتفاع مستويات السخط الشعبي بسبب تدهور القدرة الشرائية وانتشار الفساد داخل المؤسسات، يبدو أن النظام يسعى إلى تصدير الأزمات وإلهاء الرأي العام بمعارك خارجية تصب في خانة “الوطنية الموجهة”، التي تستثمر في استثارة العواطف القومية.

وليس مستبعداً أن تدخل فرنسا مرحلة إعادة تقييم شاملة لعلاقاتها مع الجزائر، إذ هناك أصوات داخل الأوساط السياسية الفرنسية تطالب بضرورة إنهاء سياسة “التسامح الزائد” مع ما يسمونه “تهورات النظام الجزائري”. ويُنتظر أن تتخذ باريس إجراءات ردعية، قد تشمل تقليص التعاون في مجالات حيوية أو إعادة النظر في الشراكات الاقتصادية والأمنية التي ظلت حتى وقت قريب تمثل خطاً أحمر لدى صناع القرار في البلدين.

في هذا المشهد المتوتر، يبدو أن العلاقات الجزائرية الفرنسية مقبلة على مرحلة أكثر برودة، مع احتمالات تصعيد متبادل إذا لم تتدارك الأطراف الموقف بحكمة. وقد تتحول هذه الأزمة إلى عامل إضافي في إعادة تشكيل التحالفات داخل منطقة المغرب العربي، التي تعرف في الفترة الأخيرة ديناميكيات جديدة بفعل تقاطع مصالح إقليمية ودولية معقدة.

و يظل السؤال الأبرز: هل تسعى الجزائر فعلاً إلى فرض شروط جديدة في علاقتها مع فرنسا، أم أن الأمر لا يعدو كونه محاولة لتخفيف الضغط الداخلي عبر خلق عدو خارجي؟ الإجابة عن هذا السؤال ستتضح مع قادم الأيام، وفق ما ستكشفه تطورات الأزمة وخيارات الرد الفرنسي المرتقبة.

أعجبتك هذه المقالة؟ شاركها على منصتك المفضلة
اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد