المحرر الرباط
تتصاعد موجة الغضب الشعبي في الأوساط الكروية بالمغرب، خصوصا بين الجماهير البيضاوية، التي رفعت شعار “ارحل” في وجه فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. هذه الدعوات المتزايدة لتنحيته تفتح الباب أمام نقاش واسع حول مكانة لقجع في المشهد الرياضي الوطني، وحول الدور الذي بات يلعبه داخل أروقة الإعلام والقرار الرياضي في البلاد.
في مقابل هذا الغضب الجماهيري، خرجت أصوات أخرى تدافع بشدة عن لقجع، متهمة معارضيه بتهم تصل إلى حد التخوين والموالاة لأجندات خارجية، وتحديدا الجزائر. هذا السلوك يثير تساؤلات عميقة عن طبيعة الخطاب السائد، حيث أصبحت معارضة رئيس جامعة كرة القدم ترتبط، بشكل مستغرب، بالتشكيك في الوطنية والانتماء، وكأن لقجع تحول إلى رمز فوق النقد أو المساءلة.
الحضور الطاغي للقجع داخل المشهد الإعلامي المغربي، وما يبدو أنه هيمنة على الخطاب العام بخصوص إنجازاته، يجعل من الصعب على الرأي العام الوصول إلى قراءة موضوعية ومتجردة لما تحقق فعلا وما أخفق فيه. إذ أن عددا من وسائل الإعلام اختارت الاصطفاف لتلميع صورة رئيس الجامعة، متجاهلة إخفاقات واضحة لا يمكن إنكارها، وعلى رأسها تلك القضية التي تمثل ضربة موجعة لهيبة الكرة المغربية في أروقة المحاكم الرياضية.
من أبرز هذه الإخفاقات، الخسارة القضائية أمام الجزائر أمام المحكمة الكروية الإفريقية، والتي انتهت بقرار يعتبر فضيحة بكل المقاييس، يقضي بعدم قانونية وضع خريطة المغرب على قميص فريق شاي دحميس. المفارقة أن هذا الحكم الخطير لم يجد طريقه إلى غالبية وسائل الإعلام التي تلقت، وفق مصادر مطلعة، تعليمات واضحة بعدم الخوض في تفاصيله، تجنبا لما يمكن أن يشكل إحراجا كبيرا للقجع أمام الرأي العام الوطني والدولي.
هذا الفشل ليس سوى حلقة ضمن سلسلة طويلة من الإخفاقات التي تراكمت بصمت، بينما ظل الإعلام الرسمي وشبه الرسمي حريصا على تقديم صورة مثالية عن الرجل، محاولا الإيحاء بأنه صانع أمجاد الكرة المغربية دون منازع. لكن مع تصاعد الأصوات الغاضبة، يصبح من المشروع التساؤل: هل أصبح فوزي لقجع ضمن قائمة المقدسات التي لا يجوز الاقتراب منها أو نقدها؟ وهل بلغ الأمر درجة اعتبار أي معارضة له خيانة للوطن؟
ما يجري اليوم ليس مجرد جدل رياضي، بل هو مرآة تعكس أزمة أعمق تتعلق بحق المواطن في التعبير عن رأيه بحرية، وحقه في محاسبة المسؤولين مهما علت مناصبهم أو تعاظمت أدوارهم. فالوطن أكبر من الأشخاص، والنقد البناء هو السبيل الوحيد لتصحيح المسارات، بعيدا عن لغة التخوين والاتهامات الجاهزة التي لا تخدم إلا تكريس واقع لا يرضي الجماهير المغربية التواقة إلى رياضة نظيفة وإدارة شفافة.