زكية الدريوش: مسؤولة في قطاع الصيد أم شاهدة زور على دمار الثروة البحرية؟

المحرر الرباط

في خرجة غريبة لا تخلو من التناقض، صرحت زكية الدريوش، الكاتبة العامة لقطاع الصيد البحري، أمام نواب الأمة أن المغرب يتوفر على “جوج بحورا”، لكنها سرعان ما بدّدت وهج هذا المعطى الطبيعي حين أضافت أن 84% من ثروتنا السمكية تقتصر على نوعين: السردين والكابايلا، تاركة ما تبقى، أي 20%، لباقي الأصناف. رقم يبدو أنه تم انتزاعه من سياق الأرقام لا من واقع البحار المغربية.

لكن اللافت أن السيدة الدريوش، في زخم دفاعها المستميت عن حصيلة قطاع يتخبط في الاختلالات، تناست أنها مسؤولة أولى عن توزيع حصص صيد الأخطبوط بسخاء مفرط على لوبيات أعالي البحار، وأن رئيسها في الحكومة هو نفسه من ظل يُدير هذا القطاع لما يزيد عن عقد من الزمن، تاركًا وراءه ملفات فساد تتكاثر كقناديل البحر في شواطئنا.

هل تعلم السيدة الدريوش أن السردين – الذي تتحدث عنه وكأنه ماء متوفر لكل عطشان – أصبح نارًا تلهب جيوب المواطنين؟ وهل تدري أن هناك معامل مغربية تضطر إلى استيراد السردين من موريتانيا والسنغال لتأمين الإنتاج؟ أي مفارقة هذه التي تجعل بلدًا يملك واجهتين بحريتين يعجز عن تأمين حاجياته من السمك الذي يدّعي توفره بنسبة 80%؟ وهل يُعقل أن يتباهى بلدٌ بمخزون بحري تنهشه مافيات التصدير والنهب، ثم يُقال لمواطنيه إن السمك متوفر؟!

الأسعار تلتهب، الأسماك تختفي، ومراكب الصيد الساحلي تلفظ أنفاسها الأخيرة، بينما الوزارة توزع الامتيازات في صمت تام على كبار المستفيدين. منذ متى كانت قضية أثمنة السمك تهم الرأي العام إلى أن تسلم حزب رئيس الحكومة مفاتيح القطاع؟ منذ متى صار السردين ترفًا على موائد المغاربة؟

تصريحات الدريوش لا تكشف فقط عن جهل خطير بمعاناة المهنيين والمستهلكين، بل تُعرّي كذلك حجم الهوة بين صانعي القرار البحري وبين الواقع الذي يعيشه المغاربة. ويبدو أن الكاتبة العامة للصيد، وهي تتحدث عن “جوج بحورا”، نسيت أن بحور المغرب صارت مقبرة للعدالة البحرية، ولعنة على الصيادين الصغار، وجنة فقط للأباطرة.

فمن المسؤول حقًا عن دمار بحار المغرب؟ من الذي وزع الرخص والكوطات وأغلق باب المنافسة؟ ومن الذي يقود قطاعًا استراتيجيًا بمنطق الريع و”باك صاحبي”؟ أسئلة حارقة، لكنها لا تجد آذانًا صاغية في حكومة تصر على مكافأة الفشل والتصفيق للانهيار.

أعجبتك هذه المقالة؟ شاركها على منصتك المفضلة
اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد