المحرر الرباط
لم يكن أكثر المتشائمين من المغاربة يتصور أن يأتي يوم تُطوى فيه صفحة عيد الأضحى، لا بسبب وباء أو حرب، بل نتيجة نُدرة غير مسبوقة في الأضاحي، تعود جذورها إلى اختلالات عميقة في القطاع الفلاحي. السنة الحالية تُسجل سابقة مقلقة في تاريخ البلاد، وتضع السياسات الفلاحية لحكومة عزيز أخنوش في مرمى الانتقادات، ليس فقط باعتباره رئيساً للحكومة، بل أيضاً بسبب شغله لحقيبة الفلاحة لأكثر من عشر سنوات قبل ذلك.
في أحياء المدن وأسواق البوادي، يسود الإحباط، ويغيب الأمل في قدرة الأسر المغربية على تلبية هذه الشعيرة الدينية التي طالما شكّلت محطة رمزية واجتماعية مهمة في حياة المغاربة. البعض يتساءل: كيف وصلنا إلى هذا الوضع؟ هل الجفاف وحده هو السبب، أم أن سوء التقدير وغياب التخطيط الاستراتيجي كان لهما دور أكبر؟
الواقع أن مؤشرات الأزمة ظهرت منذ مدة، سواء على مستوى نقص الأعلاف، أو ارتفاع أسعار المواشي، أو تراجع قدرة الفلاحين على مواجهة مواسم متوالية من الشح، دون أن تُقدم الحكومة حلولاً فعالة أو إجراءات وقائية في الوقت المناسب. وبينما كانت الحكومات السابقة تُدبّر سنوات الجفاف بما تيسّر من تدخلات وإنقاذ موسمي، وجدت حكومة أخنوش نفسها عاجزة عن احتواء الأزمة، ما فتح الباب أمام اتهامات بالفشل والارتجالية.
ويذهب منتقدو رئيس الحكومة إلى أبعد من ذلك، معتبرين أن أخنوش، سواء في منصبه السابق كوزير للفلاحة أو في موقعه الحالي، ترك بصمات لا تُقرأ سوى في خانة الأعطاب. يشيرون إلى حال الصيد البحري، وأوضاع العالم القروي، وتدهور الغابات، باعتبارها مجالات تُجسّد، بحسبهم، نتائج اختيارات غير موفّقة.
أما على المستوى السياسي، فيبدو أن الأزمة لم تعد تقنية فقط، بل تحوّلت إلى أزمة ثقة حقيقية بين المواطن والدولة. فارتفاع الإحساس باللاجدوى، وتنامي الشعور بأن الفساد أضحى قاعدة لا استثناء، يُفاقمان من حالة الإحباط الشعبي، ويطرحان أسئلة جوهرية حول منطق التدبير العمومي وفعالية المؤسسات.
في زمن الأزمات، لا يُطلب من الحكومات أن تصنع المعجزات، بل أن تدير الواقع بشجاعة، وتواجه الخلل بالوضوح، وتقدّم بدائل حقيقية. أما أن يجد المغاربة أنفسهم في عام بلا عيد، فذلك كفيل بإعادة ترتيب الأولويات، ليس فقط لدى صناع القرار، بل أيضاً في وجدان المواطن الذي بدأ يراجع علاقته بمؤسسات الحكم.