المحرر من الداخلة
أثار التجمهر الحزبي الأخير الذي نظمه حزب التجمع الوطني للأحرار بمدينة الداخلة جدلا واسعا على المستويين المحلي والوطني، بعد أن تداول نشطاء ووسائل إعلام محلية مشاهد تُظهر ما وصفوه بـ”توظيف عمال معامل السمك والضيعات الفلاحية” لحشد الجماهير، في خطوة وُصفت بأنها “تحايُل على الرأي العام والدولة”.
الحدث الذي ظهر في صور ومقاطع فيديو تُظهر مئات الحاضرين بلباس صحراوي موحد، اعتبره مراقبون محاولة لإظهار دعم واسع من أبناء الصحراء للحزب، في حين أشارت مصادر محلية إلى أن الغالبية الساحقة من الحضور هم عمال جرى استقدامهم من وحدات إنتاجية فلاحية وصناعية مملوكة لفاعلين اقتصاديين تجمعيين.
الانتقادات الموجهة لرئيس الحزب، عزيز أخنوش، لم تتوقف عند حدود استغلال العمال، بل تجاوزتها إلى الحديث عن تمويل هذه التجمعات من أموال عمومية. فحسب معطيات متداولة، فإن جزءا كبيرا من الوحدات الفلاحية والصناعية التي تم استقدام العمال منها، استفاد من دعم عمومي بمليارات الدراهم ضمن برامج التنمية والاستثمار الفلاحي، ما يطرح تساؤلات حول تضارب المصالح وإمكانية توظيف المال العام لخدمة أجندات حزبية.
وتساءل حقوقيون ومهتمون عما إذا كان استقدام العمال بهذه الطريقة، خارج ساعات العمل وضمن أنشطة سياسية، يمكن أن يندرج تحت طائلة القانون المتعلق بمكافحة الاتجار في البشر، خاصة إذا ثبت أن الحضور كان مفروضا عليهم أو مشروطا بالاحتفاظ بوظائفهم.
في المقابل، لم يصدر أي رد رسمي من الحزب أو من الجهات الحكومية المعنية لتوضيح ملابسات ما جرى، الأمر الذي يزيد من حالة الغموض ويعزز الشكوك حول استخدام النفوذ السياسي والاقتصادي لتحقيق مكاسب انتخابية وصورية.
ويبقى السؤال المطروح بإلحاح في هذا السياق: هل سيظل استعمال المال والنفوذ في الأنشطة الحزبية يمرّ دون محاسبة، أم أن المؤسسات الرقابية والقضائية ستفتح تحقيقا جادا في هذه الممارسات التي تهدد الثقة في العمل السياسي وتمسّ بمبدأ تكافؤ الفرص بين الأحزاب؟