المحرر
تشهد العلاقات المغربية–الموريتانية تطورًا لافتًا خلال الأشهر الأخيرة، في وقت تشهد فيه الجزائر تصاعدًا في وتيرة العزلة الإقليمية نتيجة تعثر رهاناتها الدبلوماسية في محيطها المغاربي. فقد بدا أن الرباط ونواكشوط تسيران بخطى متسارعة نحو تعزيز الشراكة السياسية والاقتصادية، ما يفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين، بعد سنوات من التوجس والبرود.
ويأتي هذا التقارب في سياق إقليمي شديد الحساسية، حيث كانت الجزائر تعول على توسيع نفوذها في المنطقة عبر التأثير على القرار الموريتاني، خصوصًا فيما يتعلق بقضية الصحراء. غير أن المعطيات على الأرض تشير إلى أن نواكشوط باتت تفضل خطاب التوازن والتقارب مع الرباط، في خطوة تعتبر تحولًا نوعيًا في موقفها الإقليمي.
وتُعزى هذه الدينامية الجديدة، حسب مصادر دبلوماسية، إلى جهود وساطة لعبت فيها دولة الإمارات العربية المتحدة دورًا محوريًا، مستثمرة علاقاتها الجيدة مع الطرفين. وقد أثمرت هذه الوساطة عن تمهيد الطريق لحوار سياسي مثمر وتعاون اقتصادي متزايد، أبرز تجلياته تنامي المبادلات التجارية والحديث عن مشاريع مشتركة في مجالات البنية التحتية والطاقة.
في المقابل، تجد الجزائر نفسها في موقف معقد، حيث تخسر أوراقًا كانت تعتبرها استراتيجية في المنطقة المغاربية. فبعد تدهور علاقاتها مع المغرب وغياب أي أفق لتطبيعها، يأتي التقارب المغربي–الموريتاني ليضيف عبئًا جديدًا على حسابات الجزائر، التي كانت تراهن على استقطاب نواكشوط إلى محور مناوئ للرباط.
ويرى مراقبون أن التحول الموريتاني لا ينبع فقط من الضغوط الخارجية أو الوساطات، بل يعكس أيضًا قناعة متنامية لدى صناع القرار في نواكشوط بجدوى تعزيز التعاون مع المغرب، باعتباره شريكًا اقتصاديًا وسياسيًا يمكن التعويل عليه في دعم استقرار المنطقة.
بهذا المسار، يتضح أن المغرب نجح في توسيع دائرة حلفائه في جواره المباشر، في حين تزداد عزلة الجزائر وسط محيط متغير، ما يطرح تساؤلات حول مدى قدرتها على إعادة صياغة سياستها الخارجية في ضوء المتغيرات الراهنة.