دعم المحروقات في المغرب: حماية للمهنيين أم خدمة لمصالح أخنوش الاقتصادية؟

المحرر الرباط

 

في ظل استمرار الحكومة المغربية في ضخ الدعم لمهنيي قطاع النقل الطرقي منذ أبريل 2022، والذي بلغ إلى حدود اليوم 7.921 مليارات درهم، تطرح هذه الخطوة أكثر من علامة استفهام حول المستفيد الحقيقي من هذه الآلية، خصوصًا في ظل ترؤس عزيز أخنوش للحكومة، وهو في الوقت نفسه أحد أبرز الفاعلين الاقتصاديين في مجال توزيع المحروقات بالمغرب.

فالدعم الحكومي، وإن كان موجها على الورق إلى مهنيي النقل للحفاظ على استقرار أسعار الخدمات، فإنه في الواقع يُصرف لتعويض ارتفاع أسعار المحروقات، وهي سلعة تهيمن على توزيعها ثلاث شركات كبرى، في مقدمتها شركة “أفريقيا غاز” المملوكة لعزيز أخنوش. وهذا ما يجعل من هذه الآلية دعمًا غير مباشر لأرباح الشركات، بدل أن تكون أداة لحماية المواطن من التقلبات التي يشهدها السوق.

منذ تحرير أسعار المحروقات سنة 2015، ظل القطاع يعرف شبه غياب لأي تدخل تنظيمي يحد من جشع الشركات أو يضع سقفًا لهوامش الربح، رغم التقارير التي أكدت استفادة الموزعين من أرباح استثنائية تجاوزت مليارات الدراهم. ومع حلول الأزمة العالمية وارتفاع أسعار الطاقة، كان المواطن ينتظر تدخل الدولة لضبط الأسعار، أو فرض ضرائب استثنائية على الأرباح الكبرى، لكن الحكومة اختارت دعم المهنيين، ما يجعل الخزينة العامة تتحمل عبء فروقات الأسعار، بينما تستمر الشركات في تحقيق أرباحها.

ما يثير الانتباه أكثر هو غياب أي إصلاحات موازية لفتح السوق أمام منافسين جدد أو تسقيف الأسعار أو فرض مراقبة صارمة على سلسلة التوزيع. فكل الإجراءات الحكومية تبدو وكأنها وُضعت لضمان استمرار الوضع القائم، الذي يُبقي على مراكز الربح لدى الشركات الكبرى، ومن بينها شركة رئيس الحكومة نفسه.

كما أن الصمت السياسي والإعلامي حول تضارب المصالح في هذه القضية يثير القلق، خاصة وأن شفافية الدعم لا تشمل تفاصيل الربح الصافي الذي جنته شركات المحروقات خلال هذه الفترة. وبينما تتحدث الحكومة عن حماية القدرة الشرائية، فإن الواقع يثبت أن المواطن لم يشعر بتراجع في أسعار المحروقات، ولا في كلفة النقل، ما يضع مصداقية السياسات الحكومية على المحك.

في المحصلة، لا يمكن قراءة دعم المحروقات الحالي بمعزل عن الخلفية الاقتصادية والسياسية لرئيس الحكومة. وإذا كانت النية فعلاً حماية الفئات المتضررة من تقلبات الأسعار، فالأجدر بالحكومة أن تراجع آليات السوق برمتها، وتضع مصلحة المواطن فوق منطق الربح، خاصة حين يكون الربح في يد من يُفترض به أن يحمي المال العام لا أن يستفيد منه.

أعجبتك هذه المقالة؟ شاركها على منصتك المفضلة
اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد