المحرر من اكادير
يعد الصمت الذي أبداه بعض الفلاسفة والمثقفين المغاربة على التصريحات الأخيرة الصادرة عن منتمية لحزب التجمع الوطني للأحرار، والتي دعت المعارضين لتدبير شؤون مدينة أكادير إلى مغادرة البلاد إذا لم تعجبهم طريقة تسيير عزيز أخنوش وفريقه للجماعة، مسألة تثير العديد من الأسئلة حول حرية التعبير والموقف الاجتماعي تجاه الخطاب السياسي في المغرب.
الحديث عن تصريح كهذا من شخص ينتمي لحزب يساهم في تدبير شؤون الدولة يعكس صورة غير مسبوقة للضغوطات السياسية التي قد يتعرض لها المواطن المغربي في حال تمارض مع التوجهات الرسمية. فالمغرب، الذي يشهد تنوعاً دينياً وثقافياً فريداً من نوعه، حيث يعيش المسلمون والمسيحيون واليهود واللادينيون معاً في سلم وأمن، يفرض ضرورة احترام جميع أطياف المجتمع دون استثناء. التصريحات التي تدعو إلى تهجير أي فئة من هذا النسيج الاجتماعي لا تمثل فقط تجاوزاً للقيم الديمقراطية التي يرتكز عليها المغرب، بل تضع علامات استفهام حول كيفية تعاطي الفاعلين السياسيين مع المسائل التي تمس جوهر السلم الاجتماعي.
لا يمكن أن يُقبل بأي حال من الأحوال أن تدعو مستشارة سياسية في مجلس جماعة أكادير، وهي واحدة من القيادات التابعة للأغلبية، إلى مغادرة المعارضين في حال لم يتفقوا مع سياستها أو سياسة الحزب الذي تمثله. في مدينة أكادير، التي تُعدّ عاصمة سوس ومرجعية ثقافية أمازيغية، وموطناً للحوار والتعايش، يمكن أن يؤدي مثل هذا الخطاب إلى تصدّع في العلاقة بين مختلف الأطياف السياسية والجماهير الشعبية. بل إن صمت العديد من الجمعيات الحقوقية والثقافية التي طالما كانت حريصة على الدفاع عن قيم المساواة والعدالة، يثير تساؤلات حقيقية حول قوة تأثير بعض الأطراف السياسية في توجيه الرأي العام أو الحد من الحرية في التعبير.
في هذا السياق، يُطرح السؤال الأهم: هل تمكن عزيز أخنوش من بسط نفوذه على مختلف القطاعات السياسية والاجتماعية في المغرب، حتى وصل تأثيره إلى الحد الذي يفرض على البعض السكوت عن تجاوزات مماثلة؟ وهل باتت المعارضة في ظل هذا الواقع السياسي، تتعرض لضغوطات تجعلها لا تعبر عن مواقفها بحرية، خوفاً من العواقب؟
ما يثير القلق أكثر هو غياب المواقف الواضحة من الفاعلين السياسيين في الحزب نفسه، الذين ربما يتجنبون الانخراط في الجدل خوفاً من التبعات السياسية. حيث يُتساءل لماذا لا يخرج الحزب ببيان توضح فيه موقفه من هذه التصريحات، ويظهر دعمها لمبادئ التعايش والتعددية السياسية في المغرب.
إن المغرب بحاجة إلى حوار بناء يستند إلى احترام الرأي الآخر بعيداً عن التهديدات أو محاولات إسكات الأصوات المعارضة. التعددية الثقافية والسياسية في البلاد يجب أن تكون محط فخر لجميع المغاربة، وأي تهديد لتلك التعددية هو تهديد للسلم الاجتماعي نفسه.