الحوار الكامل للملك محمد السادس و مؤسسي البوليساريو

هذا الملف جزء من الذاكرة القريبة. وبعد قراءته، سيحس المتتبع والمعني لا محالة بمرارة الفرص الضائعة. نحن في منتصف التسعينيات، والمغرب يتأهب للتناوب ولطي صفحة الماضي، وقادة البوليساريو متحمسون لحل لم تكن معالمه واضحة حينها ولكنها كانت تستشف من طريقة كلام الرجل الثاني في جبهة البوليساريو حينها البشير مصطفى السيد.
في هذه المحاضر، يبدو الملك محمد السادس، ولي العهد حينها، ملمّا بشكل جيد بالموضوع، ويبدو مصطفى السيد ديبلوماسيا لبقا، ويظهر البصري بصرامته المعروفة، وإذا كانت اللقاءات التي ننشر محاضرها تبين أن النتيجة كانت عبارة من «مونولوغ» كما قال ولي العهد الأمير سيدي محمد، فإنها كانت بداية مشجعة، ولولا الجزائر التي طار إليها الوفد المحاور مباشرة لتقديم تفاصيل اللقاء النادر بين القصر والجبهة لكانت قضية الصحراء اليوم في خبر كان.

 

شقيق مؤسس البوليساريو  لولي العهد: «أذني تطرب لسماع حكم ذاتي»
> إدريس البصري:  ستلتقون بولي العهد، وبعد ذلك مع جلالة الملك إن شاء الله. كل شيء سيكون على ما يرام. كيف حال عبد العزيز؟ وقادر؟ وزايو؟ هل مازال منصور في مدريد؟

 

> ولي العهد: الترحيب التقليدي.

 

> بشير مصطفى السيد: باسم الشعب الصحراوي، نقدم لكم تحياتنا الأخوية الصادقة. أتذكر الاستقبال الذي تم بمراكش، لقد كان ذلك شرفا لنا، ولذلك أعتقد أنها البداية، والنهاية ستكون سعيدة بالتأكيد. بطبيعة الحال علينا أن نبذل كل ما نستطيع.

 

> ولي العهد: جلالة الملك أخبرني بهذا اللقاء اليوم، وقد طلب مني أن أسألكم عن المشاكل التي تعرقل عودتكم إلى بلدكم؟

 

> بشير مصطفى السيد: ما يعرقل، هو أنه في أحد الأيام من سنة 1975 تغير وضعنا، ليس عبر التفاهم والاتفاق، بل عن طريق العنف، والذي ما يزال قائما، ويخلق لدينا ولديكم أحاسيس قوية.

 

إن الوطنية المتجذرة بقوة – أعتقد – والتضحيات من الجانبين، هي التي رسخت هذه الأحاسيس بقوة.

 

هناك أيضا حقائق دبلوماسية وعسكرية، التضحيات من جانبنا من جهة، وتواجد الجيش ومجهودات المغرب، فالطرفان أظهرا الشجاعة، والآن بهذه الشجاعة وأخذا بعين الاعتبار هذه الحقائق، كيف نستطيع خلق ديناميكية التقاء وتغيير هذا الوضع؟

 

أعتقد أنه بالقيم والشجاعة وبعدم استبعاد هذه التضحيات، نستطيع أن نسير قدما .. أطلب أن تتخذوا نفس الموقف، وإذا قدرتم أن الوقت قد حان، نحن على استعداد للسير في هذا الطريق.

 

ليس هناك اعتقاد بإمكانية تجاوز هذه المعطيات التي خلقت منذ عشرين سنة، فالمغرب له جيش كبير، وسكانه أكبر بكثير بالمقارنة معنا، كما أنه بنى جزءا من الصحراء، لقد استثمر … بالإضافة إلى إجماع وتعبئة رأيه العام، كل هذه مكاسب للمغرب، أما بالنسبة للشعب الصحراوي، فالمكاسب تتمثل في الإحساس الوطني، والتضحيات التي قدمتها كل عائلة، بالإضافة إلى تنظيمنا السياسي، مهما كان حجمه، إضافة إلى وجود مكاسب دبلوماسية… إنها حقيقة وطنية، جهوية ودولية.

 

كونوا مطمئنين، ولي العهد، أن لدينا رغبة في العمل معكم … نحن نقدم مقترح الاستقلال داخل التكامل وبناء المغرب العربي الذي سيتم داخله حل قضايا السيادة، وذلك من أجل تجاوز المراحل معا، وإذا وجدنا ضمانة منكم ومن والدكم، وإذا ما تم أخذ الحقائق التي ذكرت من قبل في الاعتبار ولم يتم تهميشها، يمكن أن نتنازل في كل ما تبقى.

 

> ولي العهد:  حتى أكون صريحا، ليست لي صلاحية للنطق بكلمة «استقلال»، وخطابات جلالة الملك في مختلف المناسبات تشير إلى أن المغرب يسير في مرحلة الجهوية، والتي لا نعلم ما سيقع فيها، وباستثناء ذلك، لا أستطيع الحديث عن الاستقلال.

 

> بشير مصطفى السيد: نقدر وجهة نظركم لكي تنمو وتتطور وتصبح قاعدة للنقاش.

 

> ولي العهد:  في النقاش، الصراحة والثقة يقودان إلى نتائج.

 

> بشير مصطفى السيد: خطوة بخطوة ومع الاحترام المتبادل والثقة والأخذ بعين الاعتبار الصعوبات المطروحة على كل واحد…

 

> ولي العهد: جلالة الملك ينتظر من أبنائه وأحفاده لم الشمل، فالوطن غفور رحيم.

 

تتحدثون عن معطيات أصبحت واقعا منذ 1975، وبنفس التشبث استكمل المغرب وحدته الترابية، ولذلك لا بد من أخذ هذه الحقائق بعين الاعتبار، وتقريب وجهات النظر بالتي هي أحسن، فجلالة الملك عندما ترأس دورة للبرلمان في العيون، توقف عند هذه النقطة : «المغرب ينظر إلى تطبيق اللامركزية، وإعطاء كل واحد الدور الذي يتعين أن يلعبه»، ولذلك يجب أن تعلموا أنه مع المغرب لن تخسروا مكاسبكم، سأعطيكم نسخة من الدستور.

 

> ولي العهد: في كل قرية، الحقائق الثقافية الخاصة محترمة.

 

> بشير مصطفى السيد:حتى سنة 1975، كانت الصحراء أرضا محتلة من طرف إسبانيا. ما وقع وقع، سواء كان سيئا أو حسنا. ولكن من قبل كنتم تتحدثون عن حكم ذاتي، والآن عن الجهوية، ولكن الحكم الذاتي أهم من الجهوية.

 

الفرق بين الأمس واليوم هو الرغبة في إيجاد حل عادل ودائم إذا أردنا تضميد الجراح، وليس هناك أدنى سبب أو رغبة لإعادة فتحها، والعفو يجب أن يصدر من الطرفين.

 

هناك حقيقة وطنية ربما لا تعجب البعض من الجانبين، فأنتم جيراننا وكل شيء يؤهلنا لأن تكون لنا علاقات متينة، بالإضافة إلى الوضع الأمني في المنطقة، وإذا لم نأخذ بعين الاعتبار الواقع الدولي، لن نستطيع البحث عن حل دائم وعادل.

 

إننا نحترم وجهة نظركم، وإذا ما تقدم الحوار، سنتعرف على مقترحاتكم.

 

> ولي العهد: علينا أن نخلق هذا المناخ، ونعمل في هذا الاتجاه، حل مشرف بالنسبة لنا ولكم.

 

> بشير مصطفى السيد: إن هذا الاستقبال ترك بصمته الإيجابية على هذا المناخ.

 

> إدريس البصري: قربوا وجهات النظر.

 

> ولي العهد: اشتغلوا في البداية في إطار شامل، وبعد ذلك يمكن خلق أشياء أخرى، هل هناك نقطة محددة تريدون مناقشتها؟

 

> بشير مصطفى السيد: الحوار وفق جدول أعمال محدد في كل مرة.

 

> ولي العهد: وبناء أشياء مقبولة بالنسبة لكم ولنا، ومفيدة للمغرب العربي وشمال إفريقيا، ولكن قبل ذلك مفيدة لنا نحن الاثنين، إذن نحن متفقون على ضرورة أن نتفق، 20 ألف من «ولاد الدليم» و«التكنة» خلقوا تلاقحا بيننا وبينكم، والاستعمار هو الذي فرق.

 

> بشير مصطفى السيد: نحن لا نجهل التاريخ في ما يتعلق بالثقافة المشتركة، لكن لا نستطيع تجاهل الاستعمار وإلا فإن دولا موجودة ستختفي.

 

إننا نقترح الصحراء المستقلة مع علاقات خاصة وحسن الجوار والثقة المتبادلة، وإذا سمحتم، اقبلوا عرض الحل الدائم والعادل، ونترك لمناسبات أخرى أن تجيب عن كيف سيكون عادلا؟ وكيف يجب أن يكون دائما؟

 

> ولي العهد: والاستفتاء؟

 

> بشير مصطفى السيد: صعوبة الاستفتاء هي من يصوت؟ هل سكان 1975 أو سكان عهد المرابطين.

 

> ولي العهد: كان هذا تخوف الأمم المتحدة.

 

> بشير مصطفى السيد: ولكن إذا تقدمنا، وإذا وجدنا الحل، نعود إلى الأمم المتحدة، لا يمكننا أن نتخلى عنها لكي يكون الحل دائما.

 

> إدريس البصري: مع عدم استبعاد المخطط.

 

> ابراهيم غالي: عدم استبعاد المخطط والأخذ بعين الاعتبار الخيارين.

 

> ولي العهد: هل تحسون أنه في سنة 1975 المغرب تخلى عنكم، ووجدتم أنفسكم في وضعية معينة؟

 

> بشير مصطفى السيد: في سنة 1975، كانت إسبانيا تتصور الاستفتاء بفضل ضغوط بلدان جارة، وعندما كانت كل الأمور جاهزة، تم إطلاق المسيرة الخضراء، ووجد الصحراويون أنفسهم في حرب، فلم تتم استشارتهم، لقد كان المغرب يعتقد أن ليبيا والجزائر سيلتفان عليه في مناخ الحرب الباردة التي كانت قائمة آنذاك.

 

نحس بأنه لم تتم استشارتنا، من جهة الجيش المغربي كان هنا، ومن جهة أخرى أعلنا الجمهورية وبدأنا تعبئة الرأي العام الدولي، صحيح أن المغرب بنى …

 

> ولي العهد: بطبيعة الحال، لصالح الصحراويين …

 

> بشير مصطفى السيد: لنبذل مجهودات ونبني جسور العلاقات …

 

> ولي العهد:  هل لإدريس البصري شيء يقوله؟

 

> إدريس البصري: إذا ما أشرتم إلى المرابطين، سيكون الحق لمليون وأربعمائة ألف، ولكنكم والجزائريين خرقتم المعايير فوصلنا إلى عدد بعيد جدا عن هذا العدد.

 

الأهم أنه في سنة 1975 لم يكونوا معنيين بالعنف، الجزائر كانت تقود سياستها وإسبانيا تتبع سياستها، والمغرب ندد دائما بذلك، إن إسبانيا كانت تريد من جانب واحد تنظيم الاستفتاء مع الأمم المتحدة متجاهلة مصالح المغرب، الشيء الذي رفضه المغرب، والجزائر بذلت مجهودا كبيرا لاجتذاب الصحراويين.

 

> بشير مصطفى السيد: تقسيم الصحراويين من خلال الاتفاق الثلاثي، فإسبانيا قالت لخطري الجوماني بالذهاب إلى المغرب و«سايلان» بالذهاب إلى موريتانيا، ولكن مع موجة التحرير وحق تقرير المصير بخاصة بعد أحداث 17  يونيو (الزملة)، العالم مع حق تقرير المصير.

 

سكان المغرب اختاروا مصيرهم، ولكن الصحراويين لم يمارسوا حقهم في تقرير المصير.

 

قبلتم إحصاء سنة 1974 الذي قام به الاستعمار، وخلقت المعايير بالضغوط على «بيريز ديكويار» فقبلناها، ولكن أشرنا إلى المرابطين لكي نوضح أن كل المغاربة سيشاركون في الاستفاء بالإضافة إلى الجزائريين والموريتانيين، فالشريف (من الشرفاء) ليس معيارا للمشاركة في الاستفتاء، وفي الواقع فإن العملية مستحيلة، ولذلك يجب ان يحدث توافق، فلا يمكن أن نقبل من ليس من أصل صحراوي أن يشارك، لأن هناك غموضا في اعتبار فخذة بمثابة قبيلة.

 

> إدريس البصري: إذا حصل هذا، فإنه تفسير خاطئ من الأمم المتحدة ومن المينورسو، فلقد اخترنا معيار الفرع بالقبيلة بغرض المزيد من الدقة، ثم إن المغرب ليس هو من قام بذلك.

 

> بشير مصطفى السيد: ولكن الأمم المتحدة تشتغل على المعطيات التي قدمها المغرب.

 

> إدريس البصري: من تتوفر فيه الشروط الخمسة يحق له التصويت.

 

> بشير مصطفى السيد: إذا كنا متفقين نحن الاثنين، لنوجه نداء إلى الأمم المتحدة وستتقدم الأمور.

 

> إدريس البصري: يحق التصويت لمن تتوفر فيهم المعايير الخمسة، أي  عشرين مليون على الأقل، أما أنتم، فما يهمكم هو الإحصاء الإسباني.

 

> بشير مصطفى السيد:تقولون إنه بالنسبة لنا التفسير حصري وتفسيركم أكثر جوازا، أوافق، وإذا كنتم موافقين على المعايير، نقول ذلك للأمم المتحدة لتتقدم الأمور.

 

> إدريس البصري: هذه نقطة عابرة، ولي العهد يتحدث عن الجهوية وأنتم تتحدثون عن حكم ذاتي.

 

> بشير مصطفى السيد: لا، نحن نتكلم عن الاستقلال، ولكن أعطونا مقترحاتكم حول الحكم الذاتي. الجهوية تعتبر تراجعا، هل بالنسبة لكم الجهوية تعني الحكم الذاتي؟

 

> إدريس البصري: بالنسبة لي الجهة تعني الحكم الذاتي.

 

> بشير مصطفى السيد: أشكر ولي العهد على هذه القضية حول مخطط السلام.

 

> ولي العهد: نتكلم عن الجهة، ولكن لم نحدد بعد المعايير، الجهة والحكم الذاتي مجرد كلمات، بإمكاننا أن نعطيها المحتوى الذي نريد.

 

> بشير مصطفى السيد: بطبيعة الحال، لا نتكلم إلا عن الاستقلال، ولكن أذني تطرب لسماع كلمة حكم ذاتي أكثر من كلمة الجهة.

 

> إدريس البصري: المغرب لا يبحث فقط عن الأرض بل أيضا عن قلوب المواطنين. تقولون الحل العادل والدائم، يجب أن نكون واقعيين، جلالة الملك لا يجد الحل الذي يرضي الجميع، ولذلك يجب أن نتقارب ونتوصل إلى اتفاق.

 

تتحدثون عن مفاهيم الجهة والحكم الذاتي، هي نفس الشيء، ولكن يتعين الاتفاق على المحتوى، فالمحتوى هو الذي يحدد هذه أو تلك، تقولون إنه يجب البحث عن الحل العادل والدائم، وإذا لم نتفق، فسيبقى لكل واحد حرية قراره.

 

لقاؤنا هذا مكسب، وكل مرة نلتقي فيها نجد أنه مكسب، سنشتغل على الإطار الذي سيحدده جلالة الملك، فالمغرب بلد ذو سيادة، وجلالة الملك يجسد الاستمرارية والاستقرار، وبالتالي الطريق مشجع.

 

> بشير مصطفى السيد:(تشكرات على الاستقبال).

 

> ولي العهد: شكرا جزيلا، سنلتقي مجددا.

 

> إدريس البصري: لقاء مريح.

 

******************

لقاء ولي العهد الخميس 1996/9/5 نفس المكان

 

> ولي العهد: كلفني جلالة الملك أن أبلغكم تحياته، لقد قدمت له تقريرا، فاقترح عليكم حلين، الأول أن ينكب خبراء في القانون حول مفاهيم الجهة والحكم الذاتي، والثاني أن يوفر لكم طائرة للعودة حتى تفكروا.

 

> بشير مصطفى السيد: الحل الثاني هو الأفضل. أعتقد أن مباحثاتنا خلقت بيننا الصراحة والثقة والصداقة، وبفضلكم تطرقت للنزاع ولخلافاتنا حتى الآن، وقبل أن نتطرق للمفاهيم، نعرض عليكم وجهة نظرنا المبنية على الرغبة وحسن النية.

 

إن الماضي جرح يجب تضميده، ولا يجب تحريك رماده، ومنذ 1975 حتى الآن، أصبحت الوطنية حقيقية بفضل التضحيات المقدمة أمام جار قوي، هذه الوطنية موجودة، لكن الذي يرى الأشياء من وجهة نظر أمنية، من خلال زاوية القبائل والأشخاص الذين يمكن أن يتنازلوا ويستسلموا، يمكن أن يكون خاطئا، ولكن من يرى بعين المصالحة، عليه أن ينسى الماضي.

 

نحن الإثنين شجعان ومخلصون، فكيف يمكن نقل هذه القيم وبناء الجسور بيننا، فهذه الوطنية موجودة، ولا أحد بإمكانه أن يقفز عليها.

 

إن التنظيم (السياسي) والتعبير الدولي والعنصر الإقليمي … كل هذه العوامل مجتمعة إذا ما أخذت بعين الاعتبار تعني الاستقلال، وإذا كنا هنا لأخذ وجهة نظركم فقط، فلا ضرورة للاستشارة، ولكن الحقائق الثلاثة، وطنية ودولية وإقليمية، لا تضع الرماد في عيوننا لكي لا نعتبر مكاسب الجار المغربي، لأن مكاسبنا ومكاسبكم تسمح لنا بالتأسيس لقاعدة حل دائم وعادل.

 

لنتكلم عن بذور الحل: قلت بالأمس الاستقلال داخل التكامل، فنحن وفد مهم ولكن عند عودتنا علينا أن نخبر باقي الإخوان أعضاء قيادتنا…

 

ما يسميه إدريس البصري حلما، اقبلوه والباقي يمكن أن نعطيه، وإذا طلبتم التخلي عن مكاسبنا، فإنكم تقولون لي استسلم، ولكن إذا ما انطلقنا من هذه الصيغة وجمعناها: مخطط الأمم المتحدة (الاستقلال أو الاندماج) فإنها تعطينا الاستقلال داخل التكامل، إنه العرض الأكثر سخاء.

 

مرة أخرى، أحترم وجهة نظركم، ولكن بإمكاننا تقليص الطريق، إذا لم يكن هناك حاجز بشأن إقصاء الاستقلال، والباقي يمكن أن نعطيه، أي علاقات خاصة…

 

> ولي العهد: لا يمكن أن ننكر ما قلناه بالأمس، لا يمكن أن أتحدث عن كلمة استقلال، أعرف مشاكلكم وأنتم من جانبكم عليكم أن تأخذوا في الاعتبار حقائق بلدنا، تحدثنا بالأمس عن الجهوية، من لا يتوفرعلى شيء لا يمكن أن يعطيه، لا أستطيع الحديث عن الاستقلال، ولكن علينا أن نواصل، فالكرة في ملعبكم، ولقد فهمت أنكم تريدون استشارة الآخرين، أما الاستقلال داخل التكامل، فإنه سيخلف مأزقا.

 

> بشير مصطفى السيد: هذا لا يترجم موقفنا. طرحت هذه الأسئلة لتكون لي معايير عن الموقف المغربي، أسمع دائما حكم ذاتي، بالأمس حاولت أن أتقمص دور مولدة، حيث ترتاح أذني عند سماع حكم ذاتي أفضل من جهة، لكن سيادتكم لم يُعترف بها على المستوى الدولي ولا حتى من جانبنا، إنها أرض مختلفة والتعامل معها في إطار جهة مغربية أمر غير واقعي، ولذلك يجب أن يتم الاتفاف بيننا، فالتحرر ثمنه الحل الدائم والعادل سواء بالنسبة لنا أو بالنسبة لكم، أتمنى أن يكون لقاء الغد من أجل تجسيد الثقة، حيث سنستشير محمد عبد العزيز، ونحن مستعدون للحوار وتقديم ما يمكن من تضحيات ليستمر ذلك… بعد ذلك نريد جدول أعمال.

 

> ولي العهد: جدول أعمال في أي إطار؟

 

> بشير مصطفى السيد: في إطار الحل العادل والدائم.

 

> ولي العهد: والنقطة الثانية؟

 

> بشير مصطفى السيد: الاستعداد لفهم الصعوبات، لقاؤكم خطوة إلى الأمام، علينا بناء جسور الحوار والحفاظ على هذا المستوى من الاتصال.

 

> إدريس البصري: في اليوم الأول تم استبعاد الاستقلال في إطار التكامل، لأنه لا معنى له بالنسبة للمغرب، ولذلك فإنه مستعد بشكل مطلق.

 

بالنسبة للمغرب يبقى حل الاندماج، المغرب لم يقل أبدا بالحكم الذاتي، إذا قلت إن الحقائق منذ  سنة 1975 يمكن أن تدفع إلى الاستقلال، فهذه وجهة نظركم، وبالنسبة لنا الحل هو الاندماج واستكمال وحدتنا الترابية.

 

قلتم حل مرضٍ للطرفين، الاستقلال لن يكون مقبولا أبدا مهما  كان الثمن، فأن نأخذ بعين الاعتبار مكاسبكم لا يعني تضخيمها لأننا نعرف كل ما لديكم.

 

الاستفتاء، طيب لنذهب إليه، إنه الجمود، وكما تريدون، المغرب في أراضيه.

 

تقول الاستقلال داخل التكامل، إنها كلمة تقود إلى الاستقلال، والمغرب ضد ذلك، يبقى إذن الاندماج، الاستقال داخل التكامل صيغة سياسية ابتكرها «إدغار فور» سنة 1954 لحل عدد من مشاكل استقلال المستعمرات، ولكن لا أحد طبقها أبدا، الحلول السخيفة والعرجاء لا نريدها … إذا قلنا إننا نريد أن نختصر لنتقدم، فلتكن لدينا جرأة البحث عن الحل في إطار يضمن روح كيان وكرامة وحقوق المغرب، وإذا تكلمتم عن الاستقلال فلم يعد لنا سبب للحديث، أما إذا تحدثتم عن الجهوية والحكم الذاتي فسنبحث عن حل مرض بالنسبة لكم ولنا.

 

> بشير مصطفى السيد: شكرا جزيلا، نحن الصحراويين عموما معتدون بالنفس، ولكن ما يقوله إدريس البصري لا أستطيع أن أقوله في بيتي وأنا أستقبل ضيوفا  … في الحقيقة ما قمنا به جميعا هو رأسمال لا يجب تبديده. أنا حاليا منقسم إما لم يترك لي ما أقوله أو أصمت.

 

> إدريس البصري: في البداية قلنا إننا ستعترضنا صعوبات. عندما تتحدثون عن الاستقلال داخل التكامل، لم تزعجونا، عندما يتشبث كل واحد بمواقفه، هذا ليس حلا، الغموض ليس في صالح أحد. بالأمس كنا نتحدث عن مفاهيم ، بالنسبة لكم، الاستقلال داخل التكامل، بالنسبة لنا الجهوية والحكم الذاتي.

 

> محفوظ علي بابيا:  نبحث عن أساس الحل الدائم، المشرف والعادل، لماذا في كلا خياري السلام تتحدثون عن حل واحد؟ لماذا؟

 

> إبراهيم غالي: إدريس البصري لم يترك الفرصة لاستمرار اللقاء، علما أننا نريد من هذه اللقاءات  بناء الثقة.

 

هناك أيضا تناقضات في تصور خيار واحد فقط، لأنه ليس واقعيا استبعاد الخيارالآخر، فلنبحث عن نقط التقاء من أجل التوصل إلى نتيجة وإنهاء النزاع، في إطار حل دائم وعادل، وإذا كان لكل واحد تفسيره، فعلينا أن نبحث عن الطريق للتقارب في ما بيننا وعدم وضع أي حدود.

 

> ولي العهد: أملي خاب بالمقارنة مع الأمس، وصلنا إلى ما يمكن تسميته بالتناضح، جلالة الملك يقبل الجهة ولا أحد يعرف مضمونها. علينا أن نكون مستكشفين، ولو كنت مكانكم لقبلت. هذه أول مرة نلتقي فيها وهذا هو إحساسي.

 

> بشير مصطفى السيد: عندما يقال لنا ألا نتحدث عن الاستقلال هذا يعني أن نقبل ما تعطوه لنا وإلا سيستمر المشكل ثلاثة أو أربعة قرون.

 

إن  موقفنا لا ينكر مصالحكم، ومن لديه قيم عالية وأكثر من ذلك يوجد في بيته، يجب أن يكون لديه حس القيادي.

 

إنه إغلاق الباب في وجه شخص كانت لك لياقة استضافته، ولكن مهما كان حجم ما أنجز قليلا، نستطيع الحفاظ على علاقات إنسانية ونبقى إخوة.

 

> ولي العهد: لم نغلق الباب. تحدثنا في البداية عن الوطنية، بصراحة إدريس البصري يتحدث بروح وطنية.

 

> بشير مصطفى السيد: لا يجب رمي ما جئنا به ومن أجله، وإذا كنتم تعتقدون أن ثلاثة قرون هي شماتة بالنسبة لنا، فإنها تمثل عجزا بالنسبة للمنطقة جميعها.

 

> إدريس البصري: بإذن ولي العهد، علينا أن نذهب على أساس المقترحات التي سيقدمها كل واحد، أنتم ونحن.

 

> محمد خداد: لماذا استبعاد الخيار الآخر المتمثل في الاستقلال؟

 

> إدريس البصري: الحديث بصراحة لا يجب أن يجرح أحد، القط هو القط والحجرة هي الحجرة، اعطونا مقترحاتكم وسنعطيكم مقترحاتنا. بعد ذلك لن نخرج عن مخطط السلام إذا لم نتوصل إلى حلول.

 

بالأمس قال ولي العهد إنه ليست لديه صلاحيات للحديث عن الاستقال، وأنتم لا تقبلون حل الاندماج، ولكي نكون عمليين مثل ولي العهد، اعطونا تصورا على أساس أن نقوم بنفس الشيء ونحاول التقارب.

 

لقد قلت في جنيف بأن لديكم أسلحتكم، ولأن لكل واحد قناعاته، ولكي نتقدم، عليكم أن تقدموا مقترحاتكم ونظرتكم للأمور.

 

> بشير مصطفى السيد: بما أنكم استبعدتم مقترحنا، نفضل أن تقدموا لنا مقترحاتكم وسنرى.

 

> إدريس البصري: إذن هذا مونولوغ.

 

> ولي العهد: إنه مونولوغ. علينا أن نقدم مقترحاتنا في نفس الوقت. كل واحد يقدم موقفه، وغدا ستلتقون جلالة الملك، فلا يجب أن تتوتروا، وسنرى معه اللقاءات المقبلة، فلتحملوا معكم مقترحاتكم حتى لا يغلق الباب.

 

> بشير مصطفى السيد:إننا نقدر هذه المساهمة حتى يستمر الأهم في كل مرة.

 

> إدريس البصري: غدا ستلتقون مع جلالة الملك، وبعد ذلك قدموا مقترحاتكم ونحن كذلك، فالطريق طويل لتقريب وجهات النظر، لكن سنناقش المقترحين المقدمين في نفس الوقت.

 

> بشير مصطفى السيد: نحن متشبثون بمخطط السلام، وكل تشويش يؤخر الحل، وأنتم لستم مفوضين من طرف المنطقة، لكن الوضوح يمكن من السير بشكل أفضل.

 

> بشير مصطفى السيد: بإذنكم، وليلة سعيدة.

 

> إدريس البصري: ليلة سعيدة. حمام وفرجة وكل شيء سيكون على ما يرام…

زر الذهاب إلى الأعلى