مقتل مرداس أحيا جرائم معلقة

المحرر

ضمنها مقتل الحاكم الجماعي واختفاء بوالروس بالفقيه بنصالح وجرائم خلية بوعرفة

كل ما مر الوقت على جريمة قتل، تزداد التساؤلات وتطفو الحيرة على السطح، وتتناسل الإشاعات والتأويلات، فالزمن، حاسم في حل لغز الجرائم وكلما امتد، تتلاشى القرائن، ويعتقد الجاني أنه نجح في البقاء بعيدا عن العدالة. وإن كان المبدأ يقول إنه لا توجد جريمة كاملة، فإن مرور الوقت يسرب الشك إلى الأذهان، ويضعنا أمام جرائم غامضة، طالت فيها الأبحاث دون الوصول إلى الجاني أو الجناة.
عامل الزمن كان حاسما في حل لغز مقتل مرداس، ومواجهة المتورطين بجرمهم أزاحت عنهم الأقنعة التي ارتدوها منذ الإعلان عن وقوع الجريمة، فالزوجة ظلت تحاور المواقع الإلكترونية لتظهر وهي تتلقى التعازي من الساسة أو وهي تجيب عن استفهامات الصحافيين، أكثر من ذلك تحاول جاهدة إبعاد الشبهة، عبر ادعاء أن للسياسة أعداء أو التكهن بأن الجناة حلوا من الخارج. أما المتهم فظل لصيقا بمسرح الجريمة كان من بين أوائل المعزين ورافق الضحية إلى مثواه الأخير، بل صلى مع المشيعين صلاة الجنازة.
هكذا حاول المشتبه فيهما الرئيسيان التخفي، لكن سرعة الأبحاث واعتماد التقنيات العلمية الحديثة، حل اللغز بعد أـسبوعين لينهي التمثيلية.
وإن كانت الجريمة، ليست بالسهولة التي جرى الاعتقاد بها في أول الأمر، فإنه مع مرور الوقت بدأ يتضح أن الجاني أو الجناة، كانوا على دراية كبيرة بكل صغيرة وكبيرة، وأعدوا عدتهم بإتقان حتى لا يتركوا دليلا يقود إليهم، كما أن ارتكاب الجريمة، لم يعد محصورا على دائرة العداوات والخلافات التي كانت للضحية، بل كان من محيط الضحية نفسه وأقرب المقربين إليه.
الطريقة التي ارتكبت بها الجريمة ومن بعدها الغموض الذي اكتنف الحادث، ليسا جديدين على الأمن المغربي، بل سبق أن تعامل مع قضايا أكثر غموضا، لم يبدد تعقيداتها إلا عامل الزمن، ولعل جرائم القتل التي كانت ترتكب قبل 2003 من قبل عصابة بوعرفة والحنويشي، أكبر دليل على ذلك، إذ أن الضابطة القضائية لم تضع يدها على الجناة إلا بعد تفجيرات الدار البيضاء لـ سنة 2003، لتكتشف أن شبكة إرهابية كانت وراء جرائم القتل والاختفاء التي عرفتها مكناس والناظور وغيرهما من المدن، ولم تحل إلا بعد كشف مسارات المنتمين إلى الخلايا الإرهابية.
وبعيدا عن قضية مقتل مرداس، مازالت جريمة مقتل الحاكم الجماعي لسيدي العادي، التي استغرقت فيها الأبحاث وقتا طويلا، معلقة دون أن تنسب إلى أي أحد.
وكان أحمد نبيه، الحاكم الجماعي السابق لسيدي العايدي، اختفى بعد توجهه إلى ضيعته يوم 26 يوليوز 2000، وعثر عليه في اليوم الموالي داخل سيارته، وقد وجهت إليه أكثر من 30 طعنة في مختلف أنحاء جسده. وتعاقب على البحث في هذه القضية المركز القضائي للدرك الملكي والفصيلة التابعة للقيادة الجهوية للدرك الملكي، والفرقة الوطنية للشرطة القضائية. وأحيلت القضية على النيابة العامة، دون أن يسفر بحث الوكيل العام للملك باستئنافية سطات عن تحديد هوية الجناة، ومازال الملف قيد التحقيقات منذ 17 سنة، وقد وجه فيه قاضي التحقيق استدعاءات جديدة الأسبوع الماضي.
وفي الفقيه بنصالح، ظلت جثة رجل الأعمال المسمى الجيلالي بوالروس، مختفية ولم يظهر لها أثر، ورغم أن ممتلكاته جرى التلاعب فيها لم يتم الاهتداء إلى الواقفين وراء الاختفاء المحير للرجل.
والضحية مزداد في 1937، اختفى في مارس 2001، إذ ظهرت سيارته مهملة في أحد الشوارع بالمدينة، وحين تفتيشها لم يتم العثور على مفاتيحها والوثائق التي تخص مالكها، بما فيها الشيكات وهاتفه المحمول. زد على ذلك فقدان السيارة لعجلتها الاحتياطية، بينما كانت العجلة الخلفية اليسرى للسيارة فارغة، وأبوابها الثلاثة مغلقة باستثناء الباب الأمامي الأيسر الذي وجد مفتوحا.
ورغم الأبحاث التي أنجزت حينها، ظلت الجريمة عالقة إلى اليوم.
هناك جرائم أخرى اكتشفت بالصدفة، مثل الجرائم التي ظل سفاح مديونة يرتكبها في حق أقاربه ويستولي على ممتلكاتهم، والتي لم تفتضح إلا بعد أن حاول الحصول على وكالة من زوجة ابن عمه المختفي، حينها تم الوصول إلى خيط رفيع، قاد إلى التحقيق معه ليعترف، ويتم الاهتداء إلى ضحاياه ممن واراهم الثرى بيده في بئر مقهى يملكها بالمنطقة نفسها.

(الصباح)

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد