عادل قرموطي المحرر
عادت انتخابات تنصيب زعيم جديد لجبهة البوليساريو، و تأكدنا كما تأكد عدد من المتتبعين، أن الجزائر لاتزال مصرة على دفن الديموقراطية في صحراء تيندوف، حيث يدفع المحتجزون المغلوب على أمرهم الثمن غاليا، بينما تستفيد شرذمة من الرعاع و معها جنرالات الجارة الشرقية للمملكة من الوضع الذي لا يبشر ابدا بالخير، و حتى لا نفوت الفرصة دون أن ندلو بدلونا كما ألف كل من هب و دب فعل ذلك خصوصا عندما يتعلق الامر بقضية الصحراء، فلابأس أن نقف وقفة تأمل عند المهزلة التي عاشت المخيمات فصولها يوم أمس، و التي انتهت بتعيين زعيم جديد لجبهة لا تزال تبحث عن هوية مفقودة.
ان ما يمكن للممتبع أن يلاحظه منذ الوهلة الاولى، هو أنم ما قامت به الجبهة أو الجزائر ان صح التعبير، لم يكن سوى اعادة لمسرحية اخر انتخاب للراحل محمد عبد العزيز، و الذي ترشح بدوره دون اي منافس لما تسميه الجزائر رئاسة، هذا المشهد يضعنا أمام نظرائه من المشاهد التي تتخلل انتخاب الانظمة الديكتاتورية، التي تسعى الى الظهور بوجه ديمقراطي، فكيف لرجل أن يترشح دون أي منافس لرئاسة تنظيم حتى و لو كان حزبا سياسيا، في وقت نعلم فيه بأن القبلية السائدة في المخيمات من شانها أن تنسف أحلام الجزائر في أقل من ساعة.
ترشيح شخص واحد دون اي منافس، لا يمكن تفسيره الا بدخول أطراف خارجية على الخط، و محاولتها ترهيب كل من فكر التقدم لمنافسة مرشحها، و ذلك حتى تتمكن من وضع رجل تضمن ولاءه لها، حتى لا يحول حائل بينها و بين قيادة البوليساريو، بل أن عزوف الكثير من الشخصيات المعروفة بالمخيمات على الترشيح، يؤكد فرضية النظام الوحيد الذي تتبعه الجبهة بايعاز من الجزائر التي تبقى الامر و الناهي في هذه الربوع من التراب الجزائري، و هو ما يندر باستمرار الاوضاع حتى اشعار اخر، و يؤكد أن الجبهة ستبقى نظاما مستبدا حتى يتغير شيء في القضية.
من جهة أخرى، فان أصول الزعيم الجديد، الذي ينتمي الى قبيلة الركيبات، و بالظبط “ركيبات الشرق”، يضعنا أمام القبلية التي تسود و تحكم في مخيمات تيندوف، و كيف أن بضعة قبائل تسيطر على الوضع هناك، و تحتكر مراكز القرار من ألفها الى يائها، و كأننا في زمن لايزال أبا جهل يمارس فيه بلطجته، في وقت تجتاح فيه العولمة سائر أرجاء المعمورة، حيث أن الصحراويون يعلمون أكثر من غيرهم، أن النظام في البوليساريو، لازال متأخرا بسنوات ضوئية عن باقي أنظمة العالم، خصوصا الديمقراطية منها، هناك حيث لازالت فئة عريضة من المحتجزين تعامل على أساس قبلي حقير، بدعوى انتمائها لقبائل هي في الاصل امازيغية.
هذه القبلية التي يتم من خلالها تصنيف البشر فوق أرض تيندوف، لا و لن تجعل من جبهة البوليساريو نظاما ديمقراطيا كما تشير الى ذلك تسميتها، بل يضرب في الصميم الشعارات التي يرفعها الجزائريون كلما تحدثوا عن البوليساريو، و يطرح مستقبلا قاتما عن الوضعية التي سيعيشها المنتمون للقبائل الاخرى تحت قيادة تسري القبلية في عروق اعضائها، أما اللمسة الجزائرية الواضحة في قرارات الجبهة و تحركات قياداتها، فانها اكير دليل على أن الاستقلالية و الانفراد في اتخاد القرارات، لا يمكن أن يكون سوى نكتة في ظل قياديين لا يخفون ولاءهم لقصر المرادية.