رسالة الى “القسطالي الدامون”: لم تتجرؤوا على فتح أفواههم قبل اليوم؟

المحرر الرباط

 

تفاجأت كما تفاجأ عدد من المتتبعين للشأن الامني بالمملكة، بمقال نشر على موقع هيسبريس، تناولت هذه الجريدة من خلاله، ظروف رجال الامن، و ربطتها بظروف عملهم، محاولة اضفاء المصداقية على هذا النص الصحفي، بتصريحات لضابط ممتاز سابق بالامن الوطني، بعدما وهبت له بشكل اعتباطي صفة “خبير امني”، و كأننا امام تحليل منمق لدكتور في علم من العلوم المرتبطة بالمجال الامني، بينما أن مشوار الرجل، يدل على أنه وصل لرتبة ضابط ممتاز بالاقدمية، و ليس له تكوين يؤهله للخوض في مثل هذه الامور.

 

و ان كان للدامون المؤهلات التي تجعله يخوض في شؤون الامنيين أم لا، نتساءل عن الاسباب التي جعلته يتجرؤ على الحديث بهذه الطريقة و في هذا التوقيت بالذات، و الجميع يعلم جيدا أن الحالة التي يعيشها رجل الأمن اليوم، تفوق ماكان يعيشه حتى الامس القريب بسنوات ضوئية، خصوصا من الناحية المادية، بعدما عملت ادارة الامن على الزيادة في اجور موظفيها، و أعادت لهم تعويضات كان المدراء الذين عاصرهم الدامون يصرفونها في أمور أخرى.

 

الدامون و معه هيسبريس، لم يتجرأ أي منهما على الحديث عندما كان رجال الامن ينتحرون واحدا تلو الاخر في عهد بوشعيب أرميل، الذي يؤكد البوليس أنفسهم على انهم عاشوا أسوأ أيامهم معه، بطبيعة الحال لأنهما كانا على يقين من ان هذا الاخير يكلف محاميا بمتابعة كل من انتقذ الجهاز، في حين تعرف الادارة العامة للامن اليوم، انفتاحا على محيطها الخارجي، و قطعا مع اللوجوء الى القضاء، من خلال نهجها للأساليب الحضارية المتمثلة في توضيح الامور عبر البلاغات التوضيحية.

 

ربط المدعو “القسطالي الدامون”، الحالة النفسية للشرطي، بحقوق الانسان التي أصبحت الادارة العامة للامن الوطني تعيرها الكثير من الاهتمام، دليل على أن الرجل يحن فعلا لسنوات الرصاص، و مرحلة ادريس البصري، حيث كان المواطن يداس بالاقدام، و كأنه يطالب الادارة العامة بالتراجع عن احترام حقوق الانسان، و جعل رجال الشرطة يتدخلون بشكل اعتباطي لتفكيك المظاهرات، ناسيا او متناسيا، أن جهاز الامن لا يطبق الا ما التزم به المغرب أمام المنتظم الدولي بخصوص احترام حقوق الانسان.

 

و أن يخوض رجل امضى في جهاز الامن 41 سنة، في الحديث عن العهد الجديد، و التطورات التي تعيشها ادارة الامن، فان ذلك لا يمكن اعتباره الا تناقضا، لا يمكن ان ينتج عنه سوى هرطقات لا علاقة لها بالحاضر، لهذا فقد لامسنا أن الرجل و من خلال تصريحاته لهيسبريس، كان يتحدث عن العهد القديم، و انه يجهل تماما المكتسبات التي تحققت لفائدة رجال الامن منذ تعيين عبد اللطيف حموشي مديرا عاما للادارة العامة للامن الوطني، كيف لا، و الدامون يطالب باحداث لجنة تم تحديدها قبل ازيد من سنتين، و هب من تقوم بمتابعة الحالة النفسية للشرطي، بل و لها فروع في مختلف ولايات الامن.

 

ان اكبر مصيبة اصابت الجهاز الامني في المغرب، هم بعض رجال الشرطة من جيل الدامون، و هنا فنحن لا نعمم حتى لا نقع في الخطأ، هؤلاء العقليات، التي لطالما صورت للمواطن شرطيا بشنب كبير، و عقلية متحجرة، غير منفتح و عديم التواصل، يعتقد أن بولوجه لسلك الشرطة، قد تحصل على دكتوراه في علم الاجرام، يعارض احترام ادارة الامن لحقوق الانسان، حتى يظل ذاك الشرطي الذي يخشاه الجميع في الحي، و هو الشيء الذي لم يعد له وجود، في زمن نتابع فيه مسؤولين أمنيين كبار، قمة في التواضع، منفتحين على محيطهم.

 

العيب فيما اوردته هيسبريس، لا يمكن أن يكون في الدامون، لأن الرجل قد انقطع على المؤسسة الامنية كما كان منقطعا عن المجتمع طيلة 41 سنة التي قضاها في الشرطة، و انما العيب في الجريدة التي اطاحت بمستواها عندما قدمت ضابطا ممتازا تدرج من اسفل الدرجات، لقرائها كخبير امني، و هو الشيء الذي لا يمكن تصوره في وقت تعج فيه الادارة العامة للامن الوطني بعمداء لا تتعدى اعمارهم العشرين سنة.

 

و ربما قد يجهل “القسطالي الدامون”، أن راتب رجل الامن اليوم، يضاعف نظيره قبل سنوات، و أن الامنيين أنفسهم، يؤكدون على أن ادارتهم قد انتهت من خطبة الوداع، بعدما اتممت لهم حقوقهم و جعلت منهم مثالا للاناقة و الهيبة، في وقت نعلم فيه جميعا أن الشرطي في عهد الدامون، كان يقضي الثماني ساعات التي تحدث عنها هذا الرجل، في التفكير في طريقة يستطيع من خلالها اداء ما بذمته لدى البقال، و من لم يتحدث عن وضعية رجل الامن في عهد أرميل، لا يحق له اليوم الخوض في مثل هذه المواضيع، أما اذا كان حال رجال الامن يهم هيسبريس فعلا، فلتطالب الحكومة بالزيادة من المناصب المالية داخل هذا الجهز عوض الخوض في الامور الفارغة.

زر الذهاب إلى الأعلى