المحرر الرباط
منذ وقت ليس بقصير، و أحد الصحافيين المحالين على التقاعد، يتفنن من خلال خرجاته التي تزامنت انطلاقتها مع انطلاقة موقع بديل، في تسفيه عمل مؤسسات الدولة، و في قضاء الحوائج بتبني التهجم على ما يسميه المخزن، الشيء الذي يضعنا أمام حالة خاصة داخل المشهد الاعلامي المغربي، اختفت لمدة ثم عادت بشكل مفاجئ و هي تتبنى مواقف تختلف بكثير عن المواقف التي كانت تتباناها عندما كانت تعمل في جريدة تابعة لحزب الاستقلال، ناطقة باللغة الفرنسية.
و عندما نتحدث عن الجريدة التي كان يعمل فيها المعني بالامر، فان الامر يتعلق بتبعية حزبية مخزنية محضة، لطالما تبناها هذا الرجل من خلال كتاباته، و لطالما دافع عنها شأنه شأن عدد من الصحافيين الاستقلاليين، الذين استفادوا من الريع ابان أوجه، و الذين استلموا من الادارات التابعة لادريس البصري، بقعا ارضية، و امتيازات جعلت أغلبهم متمسكين بالمثل الدارج “حرفة بوك لايغلبوك”، فما كان لهم الا أن يصيروا شر خلف ترك شر سلف.
و بينما نحن نقرؤ قول الشاعر “مات في البرية كلب فاسترحنا من عواه …. انجب الملعون جروا فاق في النبح أباه”، عاد الملعون من النافذة مستغلا الوضع الراهن كي يقامر على مزيد من الامتيازات التي لايزال ارشيفها في وزارة الداخلية، لعله يلتقي بادريس بصري تائه هنا أو هناك، يمكنه من عظمة “يكرددها، في انتظار العودة الى النباح بعد استكمالها، و هكذا دواليك، و هو الشيء الذي أصبح مستحيلا في ظل العهد الجديد، و بعدما قطع المغرب مع سنوات قد خلت.
لم نشأ في بداية الامر، التعقيب على الخرجات الاعلامية للصحفي المتقاعد، ظنا منا أنه مصاب بالخرف، أو انه لم يستسغ بعد انتهاء شهر العسل بين المخزن و الاعلام، فعاتبنا جروه الذي غادر المغرب، و اختار الاصطفاف الى جانب القوم الاحمر، لكن تمادي صاحبنا في التطاول على مؤسسات الدولة، و نعته لكل شيء لا يتوافق مع هواه بالمخزن، جعلنا نخرج باطلالة بسيطة، نذكره من خلالها أنه من الاوائل الذين رضعوا حليب المخزن، عندما كان “المخزن مخزن”، و عندما كان أزلام البصري يسجنون المواطن و يشترون سكوت أمثال صاحبنا بطريقة أو بأخرى.
و ان نسي الملعون “كما جاء في قصيدة المتنبي”، أن لحم كتفيه من خير المخزن، و أن ابنه الذي يهاجم النظام اليوم، قد شب و ترعرع بما كان المخزن يجود به عليه، فنحن مستعدون أن نذكره بليلى و السنين الخواليا، و كيف أنه قد استفاد أكثر ما مرة من هبات المخزن، فكان يقبل يده في كل مرة، و لا يتوانى عن الذهاب صوب وزارة الداخلية، لعل ادريس البصري يعطيه ظرفا محشوا بالاوراق النقذية، أو قرارا يقضي بتفويت بقعة أرضية لصالحه، و كم بقعة باعها صاحبنا و وزع سومتها بين حانات الرباط، و ملاهي الهرهورة، حتى أضحى مضرب مثل في شر البلية الذي لا يضحك بقدر ما يجعل الانسان يبكي على رجل في الثمانينات لازال من مريدي قنينات الخمر و فتيات الليل.
السؤال الذي حير علماء الحياة و الارض، و جعل الكهنة و السحرة يركعون للملعون، هو تصريحاته الاخيرة، بمعرفته المسبقة باعتقال الزميل حميد مهداوي، و جهله لامكانية اعتقاله، خصوصا و أن تصريحات الاثنين لا تختلفان كثيرا عن بعضهما البعض، و من هذا المنطلق نتساءل عن الاسباب التي تجعل المخزن يعتقل مهداوي، بسبب مواقفه، ولا يعتقل الملعون، الذي يعتبر كبيرهم الذي علمهم جزءا من السحر، لأنه يعلم جيدا أن بتعلمهم للسحر كله، سيجدهم أمامه يمارسون مهنة تعقب “الزرقلاف” و اصطيادها بالقصبة، و ان كان الزميل مهداوي “كما يصرح البعض” ضحية، فانه لا شك ضحية الملعون الذي يعلم جيدا كيف تصرف حروف المقالات الى الدرهم.