حفيظ الزهري
الخطير في تصريحات بنكيران ليس هو اتهاماته لوزير التعليم ولا لما يسميه باللوبي الفرنسي، وإنما الخطير وما لم ينتبه له الكثير هو تحديده لتاريخ المغرب في 14 قرن، وهذا يحمل أكثر من رسالة سياسية في طياتها سموم ومسح لتاريخ عريق من المغرب… كأن المغرب بدأ بهجرة النبي وهي محاولة لإضفاء الجانب الديني على تاريخ المغرب ومسح تاريخ المماليك الأمازيغية الذي أغلبه مدون بلغات أجنبية خاصة الفرنسية والأنجليزية وهذا سر محاربة بنكيران للتدريس باللغات الأجنبية حتى لا يعرف المغاربة تاريخهم الحقيقي وليس تاريخ قراءتي…
إنها ليست مجرد حرب لغات وإنما هي حرب أيديولوجية يحاول أنصار الفقيه حصرها في التاريخ الهجري وتغليف العقول بالحرام والحلال والإنغلاق على الثقافة الأحادية حتى تسهل عملية الإستغلال الفكري والسياسي لأبناء شعب تم سلبه هويته الحقيقية وهي هوية الإنفتاح والتسامح والتعايش مع كل الثقافات والحضارات العالمية، حيث مولاه لمشاتل تنتج التطرف ولا تؤمن بالإختلاف حيث يلاحظ يلعب أصحاب الفكر والثقافة الأحادية على حبل التفرقة والتخوين والتخويف من العدو الوهمي الذي يتقنون صناعته كلما أحسوا بقرب فضح مشروعهم الإستئصالي للهوية المغربية الحقيقية التي يحاولون ربطها بامتدادهم الخارجي وأجندتهم الداخلية.
المغاربة يعرفون حق المعرفة فشل كل المشاريع التعليمية التي كان يراد بها تعريب المغربي وليس تعليمه ، ويعرفون من استفاد من هذه السياسات واستغل الفرصة لخلق الفارق في التحصيل العلمي بين أبنائه وأبناء الشعب عبر تدريس فلذات أكبادهم في مدارس البعثات الأجنبية ونقلهم للمدارس في العواصم الأوربية والأمريكية والتركية مؤخرا، وذلك من أجل ضمان الإستمرار في التحكم والحكم والمناصب العليا وترك أبناء الشعب يتخبطون في البطالة والأمية.
وفتح النقاش حول اللغات الأجنبية في بلادنا هي محاولة لضرب التعليم العمومي المهلك أصلا، وتشجيع الإقبال على التعليم الخصوصي ومدارس البعثات الأجنبية وهو أمر غير متاح لغالبية المغاربة، وبالتالي يجب ترسيخ تعليم اللغات الأجنبية وتوسيع استعمالها في تعليمنا العمومي وذلك من أجل خلق التوازن والمساواة بين جميع أفراد الشعب المغربي وإسكات الأصوات الإنتهازية والغير المواطنة التي لا تسعى غير وراء مصالحها الخاصة الضيقة.