الارهاب و التربية على المواطنة أية علاقة

شارك هذا المقال

عادل قرموطي

 

في زيارة قصيرة للجمهورية المصرية الشقيقة، أثار انتباهي شيء تمنيت لو أنني رأيته في وطني الحبيب، و وقفت على الطريقة التي تحضر من خلالها الدولة المصرية أبناءها للدفاع عن وطنهم، و نبد الارهاب الذي أصبح شبحا يخيف مختلف دول العالم، و بمروري من مختلف شوارع مدينة القاهرة، تيقنت أن حب المصريين لوطنهم أكثر من أي شعب عربي آخر، و تشبثهم به ليس وليد الفطرة، و انما هو ثقافة و عادات و تقاليد تزداد مع كل مصري خرج من رحم والدته، فتأكدت من شيء لطالما كان يشكل بالنسبة لي علامة استفهام حول: “لماذا يتشبث المصريون بوطنهم رغم الفساد و الفقر و البطالة؟”.

 

لا تكاد تمر من شارع بمدينة القاهرة، الا و أثار انتباهك ملصقات مكتوب عليها شعارات الصقت على الاعمدة الكهربائية، تدعو الى حب الوطن، و تعرف بخطر الارهاب، “الارهاب لا دين له، تحيا مصر، يا شعب مصر العظيم، مصريون و نفتخر…” كلها شعارات وضعت رهن اشارة المواطن حتى يستحضر بشكل مستمر نعمة الوطن و حتى يتذكر أن الارهاب لا دين له، في وقت قد يستخف فيه البعض بهذه القضية التي تدخل في اطار التحضير النفسي للمواطن كي يتشبث بوطنه و كي يعلم أنه يعيش فوق أغلى بقعة في الوجود، بل و حتى السياح يزداد اعجابهم بمصر و انبهارهم بتشبث المصريين بأرضهم و التفافهم حول الوطن رغم الاختلافات الفكرية و السياسية….

 

 

“لماذا لا نجد ملصقات مماثلة في شوارع المغرب كتلك التي يتم وضعها ترامنا مع تنظيم مهرجان موازين؟”، سؤال طرحته على نفسي و حاولت الاجابة عليه، فلم أستطع في ظل تقاعس الجهات المتداخلة في مثل هذه الحالات، و التي لا تتحمل فيها الدولة المسؤولية كاملة، و نحن نفتقد لمجتمع مدني بناء، يغلب فيه الحس الوطني على نظيره البراكماتي، بل و نحن لا نتوفر سوى على فعاليات لا تنتظر سوى الدعم الا من رحم ربي… و في هذا الصدد قد يستهزئ عدد من الاشخاص مني بسبب هذا الامر الذي أراه عاملا مهما يجعل عقل المواطن مرتبطا بشكل مستمر بوطنه، و يساهم في تحريك حس المواطنة النائم في خواطر عدد كبير من المواطنين.

 

 

التربية على المواطنة في المغرب، شيء غائب بشكل تام عن التربية و التعليم و الاعلام و الانشطة التربوية، و حتى عن السينما التي تسبقنا فيها مصر بسنوات ضوئية، و هو ما تمخض عنه متابعتنا لتصرفات مخزية، تصدر بين الفينة و الاخرى عن مغاربة داخل و خارج الوطن، بعضهم تنكر لجنسيته و التحق باللاجئين السوريين، و البعص الاخر سب الاسلام و عاهل البلاد حتى تستضيفه اسبانيا فوق ارضها، بينما نسمع طيلة الوقت فرق أرض الوطن جملة أصبحت جد عادية “الله ينعل …. بلاد”، ومن هنا نتساءل عما اذا كان من يسب وطنه يعي جيدا تلك النعمة التي تسمى ب “الوطن”، و يستوعب مفهوم الهوية التي استشهد لأجلها أجدادنا في حربهم ضد المستعمر.

 

 

ما العيب في أن تراجع وزارة التربية الوطنية مقرراتها، حتى تتمكن من تربية الاجيال القادمة على حب الوطن و الملك بسكل سليم، و لماذا لا يتعبؤ المجتمع المدني بكل نكران للذات من أجل تحسيس المواطن و جعله متيقنا من أنه يعيش فوق أغلى أرض على الوجود؟ و لماذا لا تساهم الدولة في الحملات التوعوية التي تحذر من خطر الارهاب، و تجعل المواطن غير قابل للفرمطة من طرف دعاة الفتنة؟ اسئلة كنا سنجد لها جوابا لو أن مسؤولينا يفكرون فعلا في خدمة مئة جيل الى الامام، لكن و في ظل انتشار الرؤية القصيرة التي لا تتجاوز العقد من الزمان ستبقى دار لقمان على حالها حتى إشعار آخر.

عرض التعليقات (1)

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد