المحرر الرباط
نشرت جريدة لوموند الفرنسية، مقالا حاولت من خلاله التلويح بقضية الصحراء، و ممارسة الابتزاز لفائدة المخابرات الفرنسية، التي تسعى الى ابقاء بلادنا تحت وصاية قصر الايليزيه، في اطار الاستعمار الاقتصادي و الثقافي الذي لطالما تعامل معه المغرب بليونة على امل الابقاء على توازنات علاقاته مع حليف كنّا جميعا نظنه كذلك حتى الامس القريب.
فرنسا التي لطالما استعملت حق الفيتو داخل مجلس الامن، لصالح مغربية الصحراء، تبتز بلادنا اليوم بنفس القضية، و تدس السم في العسل عبر مقالات منشورة على جرائد موالية لمخابراتها و من بينها جريدة لوموند، و التي انتبهت اليوم الى ان اليأس يدفع الصحراويين في تيندوف الى الانضمام للجماعات الارهابية بمنطقة الساحل.
الجريدة الفرنسية و هي تتحدث عن ارهاب منطقة الساحل، ربما قد نسيت بأن من بين الاسباب الرئيسية للاضطراب في هذه المنطقة، هي الدولة الفرنسية نفسها، التي سقطت فوق رؤوس الماليين و فرضت عليهم ما فرضت بالغصب و بمدافع الذبابات، حتى بات الالتحاق بداعش بالمنطقة مقرونا بمحاربة الفرنسيين و توسعهم الاستعماري في الساحل.
و ليث فرنسا باستعمارها لمالي قد حققت شيئا، غير استنزاف الثروات و تجويع الشعوب و خلق الفتنة بين ابناء البلد الواحد، قبل أن تغادر منهزمة و مدلولة و مرغمة، تاركة وراءها شعبا بأكمله يئّن تحت وطأة اليأس، و سينتظر مئات السنين حتى يتمكن من استعادة جزء من قوته الاقتصادية و الثقافية، أما أزمة الارهاب فالله وحده يعلم متى ستنتهي فوق تلك الارض التي دنستها فرنسا باحذية جنودها.
ما يمكن أن يشم في مقال لوموند، هو الغضب الفرنسي من التقارب الاستراتيجي بين المغرب و أمريكا، و هو ردة فعل جد طبيعية، لان فرنسا كانت حتى الامس القريب تعتبر بلادنا ضيعة تابعة لها، و منفذها الاستراتيجي نحو العمق الافريقي، بل و كانت متأكدة من ذلك، لدرجة أن ثقتها في نفسها دفعتها الى اللعب على حبلي الصراع الجزائري المغربي، و محاولة تعميق الازمة حتى تستفيد منها قدر الامكان.
لوموند، اعترفت بشكل واضح، باستحالة التزام فرنسا للحياد في الصراع المغربي الجزائري حول قضية الصحراء، و ربطت ذلك بحاجياتها من الطاقة التي تقدمها الجزائر كرشوة لحشد الحروب على المغرب، و هو تماما ما يتداوله المغاربة خلال حديثهم عما قامت به فرنسا ضد المغرب داخل البرلمان الاروبي، و الحمد لله أن واحدا من أهلها قد شهد بما يحاول البعض نفيه.
و لأن الواقفون وراء صياغة المقال، ينتمون للاجهزة في فرنسا، فقد تم التركيز فيه على الدعوة الى مؤتمر حول صراع المغاربة و الجزائريين بباريس، دونا عن بقية عواصم العالم، و هنا تتجلى اهداف فرنسا اتجاه هذا الصراع، بل و أن المقال غيّب دور الصحراويين تماما في كل ما اقترحه و لخص الصراع حول الصحراء بين المغرب و الجزائر، و هو نفس ما يؤكده المغرب و تنفيه الجزائر.
لنترك الان كل الاشياء التي سبق ذكرها جانبا، وندعو القارئ العزيز الى الاطلاع على الجهات التي تتبنى هذا المقال، و التدقيق في الاسماء التي تدعي انها ساهمت في تحريره، حيث سنكتشف أن من بين الموقعين عليه كل فؤاد عبد المومنين، و عمر بروكسي و ابو بكر الجامعي، اضافة الى بعض التونسيين و الفرنسيين.
و يكفي ان نعلم بوجود الاسماء أعلاه، حتى نتأكد من الرائحة التي فاحت في أول المقال، هي رائحة البيترودولاو و الغاز، و أن نفس الوجوه التي راكمت ثروات من المتاجرة بقضايا الاوطان، هي التي تحاول اليوم مساعدة فرنسا على احتواء الوضع بالمنطقة المغاربية، و تسعى الى أعادة خيوط اللعبة الى اصابع الفرنسيين بعدما خرج اطراف الصراع عن سيطرتهم و بعدما تدخل العقلاء بجدية لحل الازمة التي لا تريد فرنسا لها حلا.
الدولة المغربية تعيش منعطفا حاسما في تاريخ علاقاتها التاريخية، و تسبر نحو التحرر من اي تبعية و تحقيق استقلاليتها السياسية و الاقتصادية، لكن هناك دائما من يفسد القصة، ولا عجب أن يتحالف العملاء اليوم لعرقلة انطلاقة بلادنا نحو مستقبل افضل.