قالت الجمعية الصحراوية لمكافحة الإفلات من العقاب بمخيمات تندوف ASIMCAT في بلاغ لها توصل المحرر بنسخة منه إنها رصدت ، بكثير من القلق التصعيد الخطير الذي تشهده مخيمات اللاجئين الصحراويين بتندوف، جنوب غرب الجزائر، من خلال حملات اعتقال وقمع واسعة وممنهجة من طرف عناصر بوليساريو ضد النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان و كل الأصوات التي تظهر رأيا مخالفا لخطها السياسي، أو تنتقد الوضعية الحقوقية الكارثية و المتفاقمة داخل هاته المخيمات، التي تخضع بشكل متصاعد لحصار مطبق على الحقوق والحريات.
ووفق ذات البلاغ، فقد كانت آخر فصول مسلسل القمع الذي تنهجه بوليساريو ضد النشطاء بالمخيمات، وفقا لبلاغ صادر عن الجمعية التي يوجد مقرها بمدريد، اختطاف الناشط الصحراوي سالم ماء لعينين السويد، يوم 01 ماي 2023 على الساعة التاسعة ليلا، وذلك قرب نقطة مراقبة تابعة للشرطة الجزائرية بولاية تندوف، حيث كان رفقة أخته جفينة ماء العينين السويد، والتي تعرضت معه للتعذيب والتنكيل على أيدي عناصر بوليساريو، قبل أن يتم اقتياد سالم ماء العينين إلى أحد مراكز الاحتجاز السرية التي تقيمها بوليساريو داخل مخيمات تندوف، حيث لا يزال مصيره مجهولا إلى حد الآن.
وأوضح البلاغ نفسه ، أن اختطاف الناشط سالم ماء العينين السويد، جاء على خلفية مشاركته إلى جانب مجموعة من المدافعين عن حقوق الإنسان، في وقفات احتجاجية سلمية ونشره لفيديوهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي منددة للممارسات الفاسدة لبعض قيادي بوليساريو المتورطين في سرقة و نهب المساعدات الإنسانية الموجهة للصحراويين بالمخيمات و مطالبين بتدخل المنتظم الدولي الحقوقي لوضع حد لنزيف المساعدات الإنسانية، التي تتاجر بها قيادة بوليساريو، بدول الجوار الجنوبي للجزائر، بدعم ورعاية من طرف النظام الجزائري.
في نفس السياق، سجلت ASIMCAT تعرض العديد من صحراويي المخيمات لإصابات بليغة و متفاوتة الخطورة التي ارتكبتها مليشيات بوليساريو بدعوى خرق حظر التجوال الليلي الذي تتمادى قيادة التنظيم في فرضه مند عقود في إذلال مستمر لساكنة المخيمات، كما هو الحال بالنسبة للناشط الصحراوي حنيني بركي سيدي لعبيد، الذي تم تعريضه للتعذيب، يوم 27 ابريل 2023 على الساعة 22 ليلا بمخيم الرابوني، من طرف عناصر بوليساريو، مما تسبب له بأضرار جسدية ونفسية بالغة و كذا الشابة الحسينة سالم احمد باركللا، ابنة أخ القيادي السابق و المعارض الحاج احمد بارك الله، التي تم تعنيفها بقوة و سحلها دون رحمة، في ليلة 30 مارس 2023، اثر اقتحام منزل عائلتها بمخيم الداخلة من طرف عناصر الدرك خلال مطاردة أخيها تحت ذريعة عدم التقيد بأوامر الحظر الليلي.
وأشارت الجمعية الى أن موجة التصعيد هاته شملت أيضا المدونين الصحراويين كان من بينهم الولي السالك البربوشي العضو في الفرع الجهوي لاتحاد شبيبة بوليساريو بمخيم الداخلة الذي اعتقل يوم 21 مارس 2023، بسبب تدويناته على مواقع التواصل الاجتماعي المنتقدة لسياسة بوليساريو والسلطات الجزائرية في تدبير المشاكل الأمنية بالمخيمات، قبل أن يتم إيداعه بسجن الذهيبية أين تم إرغامه على التوقيع على صك اتهام ملفق بتهمة إيواء مهاجرين غير شرعيين وحيازة معدات للتنقيب عن الذهب.
وكشفت الجمعية أن مجموعة من المناضلين والمناضلات، يقودون منذ 04 ماي2023، أشكال احتجاجية سلمية أمام مقر الأمانة العامة لبوليساريو بالرابوني، يطالبون فيها بإطلاق سراح المحتجزين السياسيين في المراكز السرية التابعة لبوليساريو من بينهم سالم ماء العينين السويد، وبمحاسبة الجناة المتورطين في التنكيل والتعذيب الذي تعرض له الضحايا.غير أن هاته الوقفات السلمية المستمرة ووجهت بالقمع من طرف قيادة الجبهة، التي عبأت مجموعاتها المسلحة، لمنع المحتجين من ولوج مبنى أمانتها، وكل هذا في ظل غياب تام لأطقم المفوضية السامية لغوث اللاجئين، التي لا تقوم مكاتبها الموجودة بالمخيمات، بأي دور في حماية ساكنة هاته المخيمات، ضدا على ما تنصه المواثيق التي تؤطر ولايتها الحمائية إزاء ما يفترض أنها مخيمات للاجئين.
وحملت الجمعية الصحراوية لمكافحة الإفلات من العقاب بمخيمات تندوف، الدولة الجزائرية المسؤولية عن كل ما يقع من انتهاكات ضد الصحراويين بمخيمات اللاجئين الصحراويين بتندوف، بحكم تواجد هذه المخيمات على ترابها. فلا يمكن أن يستمر قادة بوليساريو في التمتع بالإفلات من العقاب، فقط لأن البلد المضيف يحميهم، ويوفر لهم كل شروط عدم المحاسبة، من خلال عدم السماح للصحراويين اللاجئين فوق التراب الجزائري من الولوج للقضاء الجزائري.
وعلى ضوء كل هذه المعطيات الخطيرة، ومن منطلق مسؤوليتها كمنظمة تترافع ضد الإفلات من العقاب بمخيمات تندوف، تثير الجمعية انتباه الرأي العام الدولي إلى ما يلي:
ضرورة إطلاق سراح كل السجناء المحتجزين بالمراكز السرية لدى بوليساريو، والوقف الفوري لحملات القمع والتنكيل التي تستهدف المناضلات والمناضلين الصحراويين بمخيمات تندوف، ورفع حظر التجوال وكل التدابير التي تقيد الحقوق والحريات بهاته المخيمات.
حث الدولة الجزائرية على فتح تحقيق قضائي حر ونزيه في كل حالات القتل خارج القانون والاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي والتعذيب المرتكبة من طرف بوليساريو داخل مراكز الاحتجاز السرية التابعة لها، واتخاذ التدابير القانونية اللازمة من أجل كشف مصير المختفين بسجون بوليساريو، والتحقيق في ظروف اختفاءهم، وتسليم رفاته لذويهم، وجبر الضرر للضحايا وذويهم، وكذا محاسبة قيادات بوليساريو الضالعين في هاته الجرائم، من أجل ضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.
ضمان احترام الدولة الجزائرية لجميع التزاماتها الدولية المنصوص عليها في المواثيق الدولية التي تعد طرفا فيها، وتنفيذ كل المقررات الأممية الصادرة في شأنها فيما يتعلق بوضعية حقوق الإنسان بمخيمات تندوف، خصوصا تلك الصادرة عن اللجنة الأممية لحقوق الإنسان، والتي دعت فيها الجزائر إلى إنهاء التفويض غير القانوني لسلطاتها لفائدة جبهة بوليساريو.
فرض اتخاذ الدولة الجزائرية لكل التدابير اللازمة من أجل حماية كل الأشخاص المتواجدين فوق ترابها، خصوصا المتواجدين بمخيمات تندوف التي تحولت بما لا يدع مجالا للشك إلى سجن كبير تُنتهك فيه الحقوق والحريات، وتُزهق فيه أرواح المدنيين خارج نطاق القانون.
حث المفوضية السامية لغوث اللاجئين على تفعيل ولايتها الحمائية لفائدة ساكنة مخيمات تندوف، وتوفير كل الضمانات التي تمكنهم من تمتعهم بحقوقهم التي يكفلها لهم القانون الدولي، وعدم تعرضهم لأي شكل من أشكال المعاملة المهينة أو الحاطة من الكرامة.
دعوة المنتظم الحقوقي الدولي لاتخاذ إجراءات عاجلة من أجل وضع حد لمأساة الصحراويين بالمخيمات و متابعة كل الجهات المتورطة في الانتهاكات التي تطالهم خارج نطاق القانون.