الصحراء المغربية..قيادة الملك محمد السادس حصنت مكتسبات المغرب على المستوى الدولي

المحرر ـ ومع

كرست القيادة الاستشرافية والمكانة الدولية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي يقود الدبلوماسية المغربية ويلهمها يقظة شاملة، سمو مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء، تحت السيادة المغربية، وحصنت مكتسبات المغرب على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وقد نجح المغرب، بفضل عمل دبلوماسي خلاق وديناميكي واستباقي، في ترسيخ دعم المجتمع الدولي لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء، تحت السيادة المغربية، وهي دينامية عكستها مؤخرا تصريحات نائب وزير الخارجية الامريكي، جون سوليفان، الذي جدد تأكيد موقف الولايات المتحدة الثابت بخصوص المبادرة المغربية التي تصفها واشنطن بأنها “جدية وواقعية وذات مصداقية”.

وقال المسؤول الأمريكي، خلال لقاء صحفي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، إن “سياستنا في هذا الموضوع لم تتغير. إننا نعتبر أن المشروع المغربي للحكم الذاتي للصحراء يشكل أحد الخيارات الممكنة لتسوية الوضعية”.

وأكد، في هذا الصدد، أن المخطط المغربي “يعد مخططا جديا وواقعيا وذا مصداقية بإمكانه أن يلبي انتظارات ساكنة الصحراء”، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تقديم دعمها لجهود المغرب بغرض إيجاد حل للنزاع تحت إشراف الأمم المتحدة.

وقبل بضعة أسابيع، اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 2414، الذي مدد لمدة ستة أشهر ولاية بعثة المينورسو، إلى غاية 31 أكتوبر 2018، ووضع بذلك، وبكل وضوح، الجزائر، راعية البوليساريو، أمام مسؤولياتها الأخلاقية والمعنوية إزاء إطالة أمد النزاع في الصحراء، وأمر الانفصاليين بالإخلاء “الفوري” للمنطقة العازلة.

كما تجندت الدبلوماسية المغربية من أجل التأكيد في مختلف المحافل الدولية، كما كان الحال خلال دورة لجنة الـ24 التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، على أن قضية الصحراء المغربية هي قضية وحدة ترابية وليس “تصفية استعمار”، مشددة على أن مجلس الأمن لا يعتبرها قضية “تصفية استعمار”، بل نزاعا إقليميا يعالجه بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة المتعلق بالتسوية السلمية للنزاعات.

وتجلت الحملة الشاملة للدبلوماسية المغربية أيضا، في مشاركة منتخبين اثنين من منطقة الصحراء المغربية، وهما السيد امحمد عبا، نائب رئيس جهة العيون-الساقية الحمراء، والسيدة غالا باهية، نائبة رئيس جهة الداخلة واد الذهب، لأول مرة في تاريخ لجنة الـ24 التابعة للجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، في الندوة الإقليمية للجنة، التي انعقدت مؤخرا في سانت جورج، بغرينادا، وهي المشاركة التي خيبت ظن خصوم الوحدة الترابية للمملكة. ولسبب وجيه: توصل المنتخبان في العيون والداخلة بدعوة رسمية من رئيس لجنة الـ24، باسم كافة أعضاء اللجنة، للمشاركة في الندوة.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن مشاركة هذين المنتخبين تعد الأولى في تاريخ ندوات لجنة الـ24 التي كانت منذ إطلاقها قبل أكثر من عقدين، حكرا على الجزائر وانفصالييها.

والأهم من ذلك، أن مداخلة السيد محمد أبا حول قضية الصحراء قد أدرجت كما ينبغي ضمن برنامج عمل الندوة. وتم اعتماد هذه الوثيقة الرسمية بتوافق جميع المشاركين في الجلسة الافتتاحية لهذا الاجتماع.
وقد استعرضت الديبلوماسية المغربية، المستندة الى شرعية مزدوجة تاريخية وميدانية، مسار استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية، وأكدت مرجعيات حل النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، والتي جدد صاحب الجلالة الملك محمد السادس التأكيد عليها في الخطاب الملكي في 6 نونبر 2017 بمناسبة الذكرى الـ42 للمسيرة الخضراء المظفرة.

ويتعين أن يكون الحل في إطار سيادة المغرب ووحدته الترابية والوطنية. وينبغي أن يشمل هذا المسلسل كافة الأطراف الحقيقية المعنية، والتي كانت وراء نشوب هذا النزاع، حيث أن هذا المسلسل ينبغي أن يكون تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة، وفقا لقرارات مجلس الأمن، دون أي تدخل من أي منظمة إقليمية أو دولية أخرى، ويتعين ان يركز المسلسل على الحل السياسي، بعيدا عن كل القضايا الثانوية التي غالبا ما يتم إقحامها في المناقشات لتحويل المسلسل عن أهدافها الرئيسية.

وجدير بالذكر أن الندوة الإقليمية للجنة الـ24 انعقدت في أعقاب اعتماد القرار 2414، الذي تم صياغته بقلم أمريكي، والذي تبنت الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة من خلاله موقفا حازما باعتراضها على نقل البوليساريو لبعض ما يسمى بـ”الوحدات الإدارية” إلى بئر لحلو، شرق منظومة الدفاع ، وأرغمت الميليشيات الانفصالية على “الامتناع عن القيام بمثل هذه الأعمال المزعزعة للاستقرار”.

وفي إشارة إلى مناورات البوليساريو، أبدى المجلس أيضا “قلقه إزاء انتهاكات الاتفاقات القائمة، داعيا الأطراف إلى احترام التزاماتها ذات الصلة والامتناع عن أي عمل من شأنه زعزعة استقرار الوضع أو تهديد مسلسل الأمم المتحدة”.

وخلافا للأمر الموجه من قبل المجلس للبوليساريو، حرصت الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة على “الإقرار برد المغرب المتزن على الانشغالات الأخيرة المتعلقة بالمنطقة العازلة”.

ويقر النص، في هذا السياق، بأن “بعض القضايا الأساسية المتعلقة بوقف إطلاق النار وبالاتفاقات ذات الصلة لا تزال قائمة”، داعيا الأطراف إلى “اتخاذ التدابير اللازمة لضمان سلامة وحرية التنقل وتمكين الأمم المتحدة والأفراد التابعين لها، على الفور، من القيام بمهامهم، وفقا للاتفاقات السارية”.

وتأتي هذه الدعوة في سياق يطبعه التوتر بين بعثة المينورسو والبوليساريو، والتي كانت عناصر مسلحة تابعة لها، اعترضت في 16 مارس الماضي فريقا من المراقبين العسكريين التابعين للبعثة الأممية، وأطلقت أعيرة نارية تحذيرية لمنع أعضاء بعثة الأمم المتحدة من توثيق الانتهاكات المتعددة للميليشيات الانفصالية في هذه المنطقة شرق منظومة الدفاع، كما سبق أن أعلن ذلك المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك.

وكان المتحدث باسم الامم المتحدة قد صرح بأن “بعثة المينورسو أبلغت مجلس الأمن أنه في 16 مارس، ببلدة تيفاريتي، تم اعتراض مراقبين عسكريين تابعين للمينورسو أثناء الخدمة من قبل عناصر مسلحة للبوليساريو، الذين أطلقوا أعيرة نارية تحذيرية”.

وسبق للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، أن أعرب من جانبه، عن “أسفه لكون الاحترام الذي كانت تحظى به رموز الأمم المتحدة في السابق، حتى من قبل الجماعات المسلحة، بدأ يتلاشى مع مرور الوقت، ما يجعل موظفينا اليوم مستهدفين تحديدا بسبب الصفة التي يحملونها”.

وكتب غوتيريس على حسابه في موقع “تويتر”، بمناسبة إحياء ذكرى موظفي الأمم المتحدة الذين قتلوا بين عامي 2016 و2017، “يتم استهداف موظفي الأمم المتحدة بشكل منتظم من قبل أولئك الذين يعارضون السلام”.
وقد سجل المراقبون بالأمم المتحدة، في هذا السياق، أن القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس، رجحت قوة الإقناع التي تسلح بها المغرب للدفاع عن وحدته الترابية التي لامجال للتفاوض بشأنها أو دحضها، والمستندة إلى إجماع وطني متيقظ ، مدعوم بحقيقة مزدوجة تستمد شرعيتها من التاريخ العريق للمغرب ومن حقيقة الوضع القائم على الأرض.

وهذه الحقيقة نفسها، هي جزء من دينامية مكنت الأقاليم الجنوبية من المضي قدما على درب التقدم والنماء، في إطار مقاربة مواطنة تتيح للساكنة صنع مصيرها وتجعلها طرفا فاعلا في تحديد التوجهات الاستراتيجية للمملكة.

وتعزز هذه المسيرة نحو التقدم والتنمية مصداقية مخطط المغرب للحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، وتضمن له انخراطا دوليا، هو بمثابة شهادة بليغة على صواب الموقف المغربي، مثلما جددت التأكيد على ذلك الولايات المتحدة الأمريكية أمام أعضاء مجلس الأمن عقب اعتماد القرار 2414.

وفي هذا الاطار، أكدت واشنطن مجددا على لسان ممثلتها في اجتماع مجلس الأمن، أن مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب يظل ”جديا وذا مصداقية وواقعيا”، ويمثل مقاربة كفيلة بإيجاد تسوية نهائية لقضية الصحراء.
وقالت إيمي تاشكو، المنسقة السياسية ببعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، أمام أعضاء المجلس ”مانزال ننظر إلى المخطط المغربي للحكم الذاتي على أنه جدي وذو مصداقية وواقعي، ويمثل مقاربة كفيلة بتلبية تطلعات ساكنة الصحراء (…) لتدبير شؤونها الخاصة في إطار من السلم والكرامة”.

ويقترح المغرب باعتباره شريكا ذا صوت مسموع ويحظى بالاحترام في المحافل الدولية، سبيل الاعتدال وضبط النفس من خلال طرح مخطط الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية، والذي وصفته القوى العالمية الكبرى وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالجدي والواقعي وذي المصداقية.

ويتعين اليوم على الأطراف الأخرى الانخراط في هذا التوجه الحكيم والواعد بمستقبل الرفاهية والنماء المشترك الذي تنشده شعوب المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى