قرار وقف اتفاقية الغاز: كرونولوجيا فشل جزائري في مواجهة المغرب

المحرر الرباط

 

لا يختلف اثنان حول الخسارة التي ستتكبدها الخزينة الجزائرية نتيجة وقف اتفاقية مد المكتب الوطني للكهرباء بالغاز، و كيف أن الجزائر ستفقد مصدرا للعملة الصعبة التي هي في امس الحاجة اليها خصوصا خلال هاته الظروف التي تعيشها في ظل الازمة الخانقة التي تندر بسكتة قلبية للاقتصاد الجزائري، ما يفتح أبواب المصير المجهول أمام جمهورية تخنق نفسها بيدها.

اتخاد قرار من هذا الحجم لا يمكن أن يكون الا لأسباب كبيرة، تتعلق بإيجاد زبون بديل للمغرب مستعد للدفع أكثر، أو بتصفية حسابات ثقيلة يتحمل قصر المرادية عواقبها، و هو التفسير الاقرب الى الصواب في ظل غياب اقبال على الغاز الجزائري، و مع صعوبة وضع قنوات ربط في خالة ايجاد زبون جديد، لكن الجزائر و على مر التاريخ أكدت للجميع أنها مستعدة لاتخاد جميع الخطوات مهما كانت مدمرة لها، دون استحضار مصالح الشعب الذي يفتقد لرائحة الحليب و ينقب على الماء كما لو أنه ينقب عن الذهب.

العديد من القرارات التي اتخدتها الجزائر بحسٍ عسكري يغلب عنه طابع المزاجية، أكدت للعالم على أن الاطفال هم من يتحكمون في نظام  هذا البلد، و أن الاشقاء الجزائريين قد باتوا في امس الحاجة لقيادة تتمتع بالبصيرة و الحكمة، تحكهم لقرون، لعلها تصلح جزءا بسيطا مما افسده الكابرانات بدماهم المنتخبة، و قد تكون علاقاتنا مع هذه الجارة، اكبر دليل على أن النظام الجزائري يخدم أحندات عسكرية محضة على حساب مستقبل امة قدمت مليون و النصف مليون روحا في سبيل الازدهار.

نبدؤ القصة من آخرها، و تحديدا عندما اعلن الملك محمد السادس عن توجه جديد للمغرب في علاقاته مع دول الاتحاد الافريقي، و استطاع فعلا التوغل داخل القارة السمراء و اعادة بناء علاقات ظلت مجمدة لسنوات، و كيف أن الجزائر قد فشلت في ايقاف هذا التوغل و لم تتمكن حتى من توقع ما قد يحصل نتيجة كل تلك الزيارات الملكية لبلدان افريقية، و المساعدات التي قدمها المغرب كعربون للنية الصافية اتجاه الدول الافريقية، و بينما كان المغرب يتغول اكثر فاكثر داخل الاتحاد الافريقي، كانت الجزائر تفقد حلفاءها واحدا تلو الاخر الى أن اصبحت البوليساريو ضيفا غير مرغوب فيه داخل الاتحاد الاسمر.

الجزائر ستفقد الامل في استعادة نفوذها داخل الاتحاد الافريقي، عندما سيوقع المغرب اتفاقية انبوب الغاز الذي  سيعبر من نيجيريا الى اوروبا و ستستفيد من عائداته دول كثيرة، ستخسرها الجزائر، الى جانب جنون العظمة الذي اصابها بعدما اصبحت شبه متأكدة من أن غازها هو الاقرب الى القارة العجوز، و هنا سيضرب المغرب عصفورين بحجر واحد، الاول هو جعل الاوروبيين ينفتحون على مزيد من الموردين للغاز، و الثاني الاستفادة من بعض عائدات هذا الانبوب الذي سيعبر أراضينا بالمقابل، و في المقابل ستفقد الجزائر حلفاء افريقيين كنيجيريا نفسها، بينما لن يكون الاروبيون مجبرون على قبول اسعارها و التفاوض حول غازها.

بالموازاة مع خط الغاز، اشرف الملك محمد السادس على توقع العشرات من الاتفاقيات الاقتصادية و الفلاحية و حتى الاجتماعية و الدينية، بين المغرب و مجموعة من الدول الافريقية، بتسهيلات لا يمكن تصديقها، و بامتيازات كبيرة للاصدقاء الافارقة، و قد تساءلنا بداية عن الفائدة من كل تلك التسهيلات و لم تمر سوى بضعة أشهر حتى بدأت بلادنا تحصد النتائج حتى قبل البدئ في تنفيذ تلك الاتفاقات، فتحولت مدينة العيون الى حاضرة للقنصليات الافريقية، و بدأت العديد من الدول تراجع افكارها حول قضية الصحراء، و في المقابل دائما، هناك دولة اسمها الجزائر تحصي خسائرها و تبكي فوق الاطلال.

مناورات الجزائر تحولت الى اوروبا، فبدأت مخابراتها تصرف بسخاء داخل ردهات الاتحاد الاروبي لعرقلة مسيرة المغرب، لكن في كل مرة يحقق المغرب الريمونتدا، و يدحض اطروحات جارته الشرقية، التي بعدما فشلت في انتزاع حكم قضائي يلغي اتفاقيتا الصيد و الفلاحة مع الاتحاد، لم تتمكن كذلك من ايصال سليطينة خيا الى نهائيات المنافسة على جائزة ساخاروف لحقوق الانسان، فارجعت ابنة مدينة بوجدور من باب المنافسات لان الجائزة أكبر حجما منها بكثير، و هكذا تأكد للجزائريين أن مخابراتهم تراهن على الفاشلين في صرف اموالهم خارج ارض الوطن.

لا يمكننا الحديث عن فشل الجزائر في مجابهة المغرب دون التطرق لقضية ابن بطوش، و كيف أن المخابرات المغربية قد فضحت نظيرتها الجزائرية و كشفت عن تواطئ الاسبان معها، و هو الدرس الذي استوعبه قصر مدريد، بعدما تأكد بأنه يغامر بسمعة الاندلس الشامخة، لأجل نظام فاشل لم يتمكن حتى من المحافظة على سرية هوية واحد من أكبر عملائه، فكانت عودة الدفئ للعلاقات المغربية الاسبانية بعد هذا الحادث، سببا مباشرا في فقدان الكابرانات لصوابهم، و الذين دفعوا تبونهم الى مهاجمة المغرب بشكل مباشر منذ تلك الواقعة، و في اكثر من مناسبة.

النقطة التي افاضت الكأس، هي قرار مجلس الامن الدولي بتمديد بعثة المينيرسو في الصحراء، باقتراح من حليف الممملكة الولايات المتحدة الامريكية، و بالاضافة الى الصدمة الاي اصابت الاخوة الجزائريين من نتيجة التصويت على هذا القرار، فلابد أن صدمتهم ستكون أقوى من موقف روسيا التي تبيعهم العتاد و السلاح، و التي استخسرت فيهم حق فيتو و اذخرته لأمور قد تشكل الاهمية بالنسبة لها، طالما أن الجزائر ليست بالنسبة لها سوى سوق تتخلص فيها من الخردة التي لم تعد صالحة للحرب في عصرنا هذا.

ما يقوم به قصر المرادية اليوم من تصرفات منافية للاخلاق و لمبادئ حسن الجوار مع المغرب، ليس سوى ردة فعل تجسد رقصة الديك المذبوح، و تؤكد على أن الجزائر لازالت مصرة على رفض الهزيمة، و لن نستغرب إذا ما اقدم تبون على خطوة انتحارية جديدة، بهدف المس بالمغرب، و دون التفكير في المصالح العليا للشعب الجزائري، لأن تفكير من يحركونه يرتكز بالاساس على توفير اعداء جدد للمملكة المغربية عوض توفير نصف لتر من الحليب لكل اسرة جزائرية و الله المستعان.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد