نشرت أسبوعية الأيام في عددها لهذا الأسبوع ملفا عن زعماء وشخصيات كثيرة عبرت القصر الملكي، التقوا أحد ملوك المغرب المعاصرين وتعرفوا عن قرب عليهم ونال العديدون الحظوة لدى السلطان، وخلال مسار ثلاثة ملوك من محمد الخامس فالحسن الثاني إلى محمد السادس، بعضهم أصبح في مواقع أساسية مقربا من الملك، والعديد منهم امتدت خدمته في القصر الملكي لدى أكثر من ملك.
وبين هؤلاء نجد اسم عبد الهادي بوطالب الذي دخل القصر حماية له، حيث ورد أن سلطات الحماية قررت اعتقال بوطالب لأنه رفض التوقف عن إلقاء الدروس الثورية في جامعة القرويين، وأنهم يخشون أن تثير هاته الدروس فتنة في مدينة فاس، فسألهم السلطان محمد بن يوسف من هذا الذي تتحدثون عنه؟، فقالوا اسمه عبد الهادي بوطالب، فقال لهم لا تقبضوا عليه، سأكفيكم إياه وسآخذه إلى جانبي ولن يشوش عليكم، فتمت المناداة عليه للتدريس في المعهد المولوي.
وكذا عبد الهادي التازي، الذي اعتقد أن رجال الأمن جاؤوا لاعتقاله حينما حلوا ببيته وسألوا عنه، ليعودوا فيما بعد ويخبروه بأن الملك الحسن الثاني يريد أن يراه. ولما حان موعد اللقاء بالقصر الملكي بمدينة إفران قال الملك الحسن الثاني لعبد الهادي التازي: سمعت أنك مهتم بالوثائق التاريخية النادرة، وأحتاج إلى هذا البعد التاريخي، فزالت الغمة من قلب الراحل التازي وفرجت كربته، وكان ذلك بداية سلسلة من المسؤوليات الدبلوماسية التي تقلدها والمسار الجديد بقرب الملك الحسن الثاني.
ونجد من بين هؤلاء، أيضا، إدريس جطو، الذي كان صهره الملياردير السوسي عبد الرحمان بوفتاس سبب استقطابه إلى عالم السياسة؛ فحين عين الحسن الثاني بوفتاس وزيرا للسكنى اختار جطو مستشارا له بديوانه، وبعدها أصبح شريكا لبوفتاس في شركة “أوديربي”، وكان صاحب الحصة العالمية في رأسمال الشركة التي تنتج أحذية ناعمة وأنيقة. كان بوفتاس يومها هو من يقدم الأنواع الجيدة من أحذية شركته إلى الملك الراحل، وسينجح في تقديم صهره إدريس جطو الذي أهدى الحسن الثاني حذاء أوديربي بمناسبة عيد ميلاده، أعجب به الملك الراحل وبمسار نجاحه التجاري، فكانت تلك بداية دخوله القصر الملكي.
وورد كذلك اسم عبد الواحد الراضي الذي دخل القصر بسبب قضية مطبعة إيديما، وكانت الدولة تحاول تحريك ملف قضائي في وجه كل من الاتحاديين محمد اليازغي ومحمد منصور.
ثم محمد المديوري الذي تدرج في أسلاك الأمن الوطني حتى أصبح عميدا مركزيا لأمن الجديدة في نهاية ستينيات القرن الماضي، ومكنته لياقته البدنية من اللعب في صفوف فريق الدفاع الحسني الجديدي، قبل الانتقال إلى إدارة الأمن الوطني بمراكش، دون أن يفارقه اهتمامه الكروي حيث أشرف على تدريب فريق النجم الرياضي المراكشي من سنة 1969 إلى سنة 1971، وأن المديوري وقع عليه الاختيار ليكون المرافق الشخصي للحسن الثاني، وله السلطة العليا ليس فقط في حراسة الحسن الثاني بل حتى في حراسة العديد من ملوك الخليج الذين كان الملك يختار حراسهم الخاصين من المغرب، وذلك بعد انقلاب الصخيرات واختباء الحارس الشخصي للملك الحسن الثاني بودريس سميرس الذي كان مكلفا بملازمته للاختباء في حاوية أزبال بدلا من حماية حياة الملك، وهو ما أغضب الملك الذي أعفاه بحضرة مجموعة من عناصر الأمن وقال له بمزاج رائق: “حارس أمني الخاص اختبأ في سطل الزبل، فليكن مصيره مزبلة التاريخ”.
وإلى محمد منير الماجدي الذي قدر له خلال دراسته أن يكون صديقه المقرب هو نوفل عصمان، ابن الأميرة لالة نزهة وأحمد عصمان صديق الملك الراحل في الدراسة. وبما أن نوفل كان صديقا حميما لولي العهد سيدي محمد، توثقت العلاقة بينهم، حيث كان الثلاثي نوفل ومنير وسميت سيدي يلتقون باستمرار. وكان للنجاحات المتوالية التي قام بها محمد منير الماجدي كبير الأثر على حظوته داخل مربع القرار، إذ سيبدأ في مزاحمة الكبار، لقد لجأ إلى نفس استراتيجيتهم، الامتداد الثقافي والفني “مهرجان موازين”، والامتداد الرياضي عبر إشرافه على فريق الفتح وسحب البساط من منافسيه في مجال الجامعة الملكية لكرة القدم التي عين بها أحد مقربيه في فريق الفتح الرباطي سابقا، علي الفاسي الفهري.