المحرر الرباط
كل المؤشرات تدل على أن الجمهورية الفرنسية تسبر نحو فتح جبهات مجانية على نفسها و على حلفائها داخل الاتحاد الاوروبي، بل و أن من المعلقين الظرفاء من أكدوا على أن الامر يتعلق بمرض نقله الرئيس ماكرون الى عاصمة الانوار مباشرة عقب عودته من الجزائر.
فرنسا الحكيمة لم تعد كذلك، و أصبحت تعكس صورة مكبرة للجمهورية الجزائرية، و تنهج مبدأ تصريف الازمات الداخلية عبر خلق صراعات دنكشوتية للفت الرأي العام الفرنسي، من خلال ما يتم نشره من مغالطات عبر وسائل اعلامها الموجهة من طرف الاستخبارات، و بعض الشخصيات السياسية المعروفة بتطرفها و بمواقفها الشاذة.
آخر ما جادت به قريحة الدولة الفرنسية، هو ما فعلته فعالياتها السياسية داخل البرلمان الاروبي، من أجل التصويت على قرار مستفز للمغرب، و يهدف الى التدخل في شؤونه الداخلية، و ذلك باتخاد الحقوق و الحريات مطية لاستفزاز بلادنا و ابتزازها اقتصاديا و سياسيا، معتقدة أنها لاتزال تتمتع بالقوة الاستعمارية التي مكنتها في وقت من الاوقات من استعمارنا و نهب خيراتنا.
و ربما قد تكون فرنسا بصدد الانتقام من المغرب، لأنه كان سببا مباشرا في دق ناقوس الخطر داخل القارة السمراء، حول استغلال بعض الدول الاستعمارية للطاقات الافريقية و ممارستها للنهب و السلب تحت غطاء الحماية.
المغرب قد اوضح بأن افريقيا قادرة على الاستمرار في الحياة بنفس النهج و بالاعتماد على شبابها و قدراتها الذاتية، و هو ما من شأنه أن يوفر ملايير الدولارات التي ألفت بعض الدول نهبها بدعوى المساهمة في الاقتصادات الافريقية.
التوجهات الديبلوماسية المغربية في قلب افريقيا، جعلت فرنسا تستشعر الخطر، خوفا على مصادر رزقها الاساسية، المتمثلة في نهب مناجم الذهب و اجتثات الغابات و الهيمنة على سوق المشاريع بأبخس الاثمنة، داخل القارة الافريقية.
تحركات دولة بونابرت، داخل البرلمان الاوروبي، ليست سوى ردة فعل استفزازية لبلادنا، و انتقاما غير اخلاقي للضغط عليها من أجل التراجع عن المساهمة في توعية الافارقة و تنبيههم من أن هناك شعوبا تعيش على أوزاقهم و تستعبدهم بخيراتهم.
و من المتوقع أن ينعكس قرار البرلمان الاروبي سلبا على ما تجمعه من علاقات مع المملكة المغربية، خصوصا على مستوى اتفاقيات الفلاحة و الصيد البحري و التعاون القضائي و تحديدا في المجال الامني الذي تعتمد فيه عشرات الدول الاوروبية على بلادنا من أجل محاربة الارهاب و الجرائم المعقدة.
و بالعودة الى اتفاقية التعاون القضائي التي تجمع المغرب بعدد من الدول الاوروبية، سنكتشف بأن القضاء المغربي قد سلم خلال السنة السابقة مئات الاشخاص المطلوبين للعدالة في تلك الدول، و المتابعين بجرائم مختلفة و في جميع القطاعات القضائية، بما فيها المتهربين من الضرائب و المنتمين لمافيات خطيرة.
أما على المستوى الامني، فقد ساهمت المؤسسة الامنية طيلة السنوات الفارطة، في تحييد الخطر عن أكثر من دولة اوروبية، و ذلك من خلال مدخا بمعلومات حول خليا ارهابية نائمة داخل المجتمع، أو بالمشاركة في اعتقال مجرمين كبار و متطرفين كانوا يعتزمون القيام بعمليات فدائية.
فسخ الاتفاقيات الامنية مع فرنسا، قد تترتب عليه عواقب وخيمة، سيتكبد خسائرها الشعب الفرنسي، خصوصا إذا ما قرر المغرب رفع يده عن عن التنسيق و التعاون من الاجهزة الفرنسية، و هو ما من شأنه أن يساهم في وقوع مجازر ستؤثر على المجال السياحي الذي يغدي جزءا كبيرا من الاقتصاد الفرنسي.
و يؤكد المتابعون لهذه القضية، أن تعود فرنسا بخفي حنين من حربها ضد المغرب، حيث من المتوقع ألا تطول علاقة الود التي اصبحت تجمعها بالجزائر، بحكم المزاج المتقلب لحكامها، و ولائهم التام لروسيا، لتجد نفسها قد خسرت كل شيء بما فيه حليفها التقليدي المغرب.
الى حدود الساعة، لازالت الدولة المغربية تتعامل مع شطحات فرنسا بهدوء ديبلوماسي كبير، حيث أن وصول السيف الى الزبى لدى المغاربة، سيجعل فرنسا تتكبد خسائر هائلة، خصوصا على مستوى مصالحها الاقتصادية داخل المغرب، و التي تساهم بدورها بشكل قوي في الاقتصاد هناك.
موقف فرنسا الجديد، اتجاه المغرب، يعكس المقولة العربية المشهورة “جنت على نفسها براقش”، و يدفعنا الى التساؤل هل ستتحمل الدولة الفرنسية عواقبه على مستوى ترابها و الدول الاروبية الاي ستتأثر حتما من اعادة النظر في اتفاقيات الشراكة التي تجمعها مع المؤسسات المغربية؟