المحرر الرباط
لاتزال تداعيات الاتهامات التي تم توجيهها للمغرب بخصوص استعمال برنامج التجسس بيغاسوس للتجسس على صحافيين و سياسيين، متواصلة، ولا شك أنها ستتواصل الى أن يبث القضاء الفرنسي في الدعوى التي رفعها المغرب ضد الجهات التي وجهت اليه اتهامات دون دليل.
دفاع المملكة المغربية و خلال ندوة صحفية يوم امس بفرنسا، صرح بأن كل ما تم الترويج له بخصوص علاقة المغرب بالبرنامج سالف الذكر، لا يستند على اية أدلة، و أن المحكمة لم تتوصل باثباتات علمية مقنعة تؤكد تلك الادعاءات، التي تبقى مجرد كلام فارغ يفتقد الى المصداقية.
الضجة التي رافقت اتهام المغرب باستخدام بيغاسوس، كشفت حقيقة بعض المنظمات الحقوقية، و فضحت افتقاد العديد من وسائل الاعلام للمصداقية و تورطها في استغلال مهنة الصحافة من أجل خدمة أجندات دولية، و المشاركة في تنفيذ اجندات سياسية خبيثة، مستعدة لفعل اي شيء لتحقيق مآربها.
بدأت القصة بتقرير لمنظمة حقوقية تضمن اتهامات للمغرب بالتجسس على هواتف الناس، و تضمن التقرير لائحة باسماء اصحاب الهواتف الذين زعم أنهم قد تعرضوا للتجسس، تلته حملة اعلامية ممنهجة و مفضوحة تروج لمزاعم المنظمة الحقوقية و تتباناها في ضرب سافر لاخلاقيات مهنة الصحافة التي تقضي بالاستماع الى جميع الافراد.
و بالاضافة الى ما تقدم به دفاع المغرب من معطيات تفند ادعاءات امنيستي، فإن القضية و ما فيها كانت مفضوحة منذ البداية و كل خيط فيها لم يصل بداية الامر بآخره، خصوصا عندما نطلع على لائحة الاسماء التي قدمتها المنظمة عبر وسائل الاعلام التي شكلت الى جانبها حلفا لمهاجمة المغرب.
نفس الجرائد التي كانت تتهم السلطة في المغرب بحماية النظام، و تدعي أن الاجهزة تستعمل العنف و تخرق حقوق الانسان خدمةً للتظام، هي التي روجت لخبر تجسس الاجهزة على بعض. الشخصيات المنتمية للنظام و التي تعتبر جزءا منه، و هو ما يكشف عن تناقد مفضوح و خروج عن الخط التحريري التقليدي لتنفيذ اجندات معينة.
و نتساءل كيف ستتجسس الاجهزة على الأُمراء و حتى على رؤسائها الذين جاءت اسماؤهم في لوائح امنيستي، إذا لم تكن المنظمة تسعى الى خلق التوتر داخل مؤسسات الدولة، و زرع اللا ثقة بين رموزها، حتى تتمكن الجهات التي تمول حملاتها من اختراق بلادنا و التحكم في مفاصلها؟
الى حدود الساعة لم تقدم المنظمة أي دليل علمي يتبث ادعاءاتها، و كل ما توصل به القضاء في هذه القضية يبقى مجرد ادعاءات و فرضيات تفتقد الى لمسة البرهنة كما هي معرفة في علوم الرياضيات، و هو ما أكده الخبراء المحلفون الذين استعانت بهم المحكمة لترجمة مستندات امنيستي الى لغة القانون.
إثبات التجسس، يخضع لمعايير علمية دقيقة، و خبرات عينية على الاجهزة، تماما كما هو الحال بالنسبة لخطوات تشريح جثة من طرف الطب الشرعي، و بما أن ما روجت له امنيستي يكتسي خطورة كبيرة، فمن واجبها اليوم أن تثبت صحة الاتهامات الموجهة للمغرب وفقا للمعايير المتفق عليها، و أن تؤكد للمحكمة على أنها سلكت في مختبرها جميع الخطوات المعتمدة في هذا المجال، و هو الشيء الذي لم يتم حسب دفاع المملكة.
العديد من الاشخاص الذين جاءت اسماؤهم في تقرير امنيستي، أكدوا على انهم لم يتعرضوا للتجسس، بل و صرحوا بأنه لا توجد اسباب تجعل المغرب يتجسس عليهم، و من بين تلك الاسماء، من لا يساوي حتى عُشر المبلغ الذي سيدفعه المغرب مقابل التجسس على هاتفه، فيما هناك اشخاص يستحيل ان يتجسس عليهم المغرب لانهم بعيدون عن شؤونه الخاصة.
و هذه ليست سوى معطيات بسيطة تكشف كذب امنيستي و حقيقة الجهات الاعلامية التي تروج لمزاعمها، على حساب أخلاقيات مهنة الصحافة، و لعل ما يمكن الاتفاق عليه اليوم، هو أن قضية بيغاسوس قد أماطت اللثام عن عمالة الحقوقيين اياهم و اخلاق الصحافيين الذين لا يفتحون افواههم سوى عند طبيب الاسنان، قبل أن ينظموا الى حملة هذفها الضرب في بلد يتطلع الى تطوير نفسه و ارضاء مواطنيه و اصدقائه قدر المستطاع.