اشتكى وزير التجهيز والماء والأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة، من العراقيل التي تُواجه البناء بالعالم القروي، والتي تحد من فرص استفادة الساكنة القروية من التنمية، وتبطئ وتيرة النهوض بها وتنسف مجهودات الدولة لتقليص الفوارق المجالية.
وكشف بركة، خلال لقاء دراسي عقده الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب اليوم السبت بطنجة، حول ” التعمير بالعالم القروي بين الاكراهات وآفاق التنمية الشاملة”، أن الوزارة التي يشرف عليها أحصت عبر مختلف مناطق التراب الوطني، 360 ألف بئر غير مرخصة بالعالم القروي، من أصل 400 ألف أي ما يعادل 51 بالمائة من الآبار.
وصادق البرلمان مؤخرا، على مقترح قانون يقضي بتتميم القانون رقم 36.15 المتعلق بالماء، وهو القانون الذي ينهي فوضى الآبار العشوائية، عبر إقرار شروط السلامة، خلال حفر الآبار وإنجاز الأثقاب سواء في مرحلة الإنجاز أو الاستغلال أو بعد التوقف عن استغلالها.
وقال وزير التجهيز والماء، إن “الواقعة المؤلمة التي شهدتها بلادنا بداية السنة الفارطة المتعلقة بوفاة الطفل ريان، بعد سقوطه في ثقب مائي غير متوفر على شروط السلامة، هي ما جعلتنا جميعا أمام مسؤولية وطنية تجاه عدم تكرار مثل هذه الحوادث ومحاولة البحث عن حلول جذرية لها”.
وتحدث المسؤول الحكومي، ضمن ذات اللقاء الذي حضره مفتشو الحزب ومنتخبيه بجهة الشمال، عن الاشكاليات التي ما تزال تواجه توسيع شبكات الماء والكهرباء بالعالم القروي، حيث يتطلب أحيانا ايصال الكهرباء لمسكن بالعالم القروي، 250 ألف درهم أي ما يعادل تكلفة مسكن بأكمله، مشيرا في السياق ذاته إلى أن تغطية شبكة تطهير السائل بالعالم القروي لا تتعدى 10 بالمائة فيما توجد 80 بالمائة من الساكنة غير الاستفادة من هذه الخدمة.
وسجل الأمين العام لحزب الاستقلال، أنه رغم الجهود المبذولة من طرف الحكومات المتعاقبة للنهوض بالعالم القروي، من خلال إحداث صندوق التنمية القروية وبرامج فك العزلة و تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، وتحفيز الاستثمارات من طرف الوزارات المعنية، إلا أن النتائج المحققة لا ترقى إلى مستوى الطموح المنشود، وعزا بركة أسباب ذلك، إلى العوائق التي ما يزال يواجهها العالم القروي في مجال تدبير العقار والتعمير.
وكشفت وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري أنه تم خلال سنة 2022 دراسة 27 ألف طلب ترخيص بالبناء في بالعالم القروي، حظي 60 في المائة منها بالموافقة، مبرزة أن حوالي 62 في المائة من طلبات الترخيص تتعلق بقطع أرضية تقل مساحتها عن هكتار واحد.
وأكد وزير التجهيز والماء، أن هذه الاشكاليات تعمق معاناة المناطق القروية، لاسيما أن أكثر من 60 بالمائة من الساكنة الفقيرة تتواجد بالعالم القروي، وازدادت هشاشتها بفعل جائحة كورونا وانعكاسات تداعيات الجفاف، لافتا إلى أن الملك محمد السادس دعا في أكثر من مناسبة إلى النهوض بالعالم القروي وايلائه العناية اللازمة، منبها إلى غياب طبقة وسطى داخل الوسط الحضري.
واعتبر بركة، ضمن اللقاء الذي غاب عنه القيادي البارز وعضو فريق “الميزان” بالبرلمان حمدي ولد الرشيد، أن تدبير العقار والتعمير، يشكل المدخل الأساسي للتنمية والاستقرار بالعالم القروي، وأحد مقومات رد الاعتبار للمواطن المغربي المتشبث بالحياة بالوسط القروي الذي يعتمد أساسا في أنشطته الاقتصادية على الفلاحة وما يرتبط بها من الصناعات التحويلية وممارسة المهن والحرف التقليدية.
وأوضح بركة، أن إثارة موضوع التعمير بالعالم القروي، يأتي بالنظر إلى يمثله هذا الأخيرة، بالنسبة لحزب الاستقلال من أولويات انشغلاته الأساسية، وذلك على الرغم من مساهمته الكبرى في إحداث التوازن البيئي والاقتصادي للمغرب، وهو ما يشكل أحد أبرز متطلبات وشروط حفظ كرامة المواطن وتوفير إطار العيش المشترك وتحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية المنشودة.
ودعا بركة إلى تسريع تنزيل الترسانة القانونية التي تتجاوب وتساير انتظارات الساكنة القروية، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات العالم القروي، و في مقدمتها تجاوز عقبة تعدد الأنظمة العقارية من أراضي الجموع، والأراضي السلالية والمحفظة وغيرها، مشددا على ضرورة تفعيل مقاربة جديدة تضمن حق حق الملكية من دون أن تعرقل الاستثمار بالعالم القروي.
وطالب المسؤول الحكومي، بضمان ظروف الاستقرار والتنمية، وكذلك صيانة الهوية التراثية وأنماط العيش المحلية والحفاظ على المؤهلات الطبيعية، والحرص على ضمان توازن وتكامل بين المنظومتين الحضرية والقروية وتقليص الفوراق والتباينات المجالية بين مختلف مكونات التراب الوطني، تماشيا مع توجه الدولة نحو توفير السكن اللائق وضمان مقومات العيش الكريم للساكنة القروية.