يعيش القطاع الفلاحي تدهورا مستمراً في عهد الوزير محمد صديقي، بعد تنزيل مجموعة من قراراته، التي زادت الوضع سوءا، في وقت كان من المفترض تقديم حلول للأزمة ووقف النزيف.
ومن أبرز اختلالات القطاع حسب ما كشفته صحيفة الصباح في عددها الجديد ، فوضى الدعم، من خلال تشجيع “لوبيات” كبرى، وقطع الطريق على الفلاح الصغير والمتوسط، ما أدى إلى تلاشي الفلاحة المعيشية، التي كانت، إلى وقت قريب، تشكل مصدر رزق لفئات واسعة وتساهم في تقليص الهجرة القروية، كما ظلت المزود الرئيسي للسوق الوطنية، حتى في أحلك الظروف.
ويكرس دعم السقي بالتنقيط ارتجالية الوزارة، بعدما أصبح ذلك متجاوزا، بفعل شح الفرشة المائية نتيجة توالي سنوات الجفاف، بينما كان من المفترض دعم مشاريع أخرى أقل استهلاكا للماء، وأكثر تعايشا مع المتغيرات المناخية، مثل الشعير المستنبت، على غرار ما هو معمول به في دول أخرى، أصبحت رائدة في هذا القطاع، مثل مصر ومجموعة من البلدان العربية.
وحسب المعطيات التي أوردتها الجريدة ذاتها، فإن دعم الأعلاف، يسجل هو الآخر اختلالات كبيرة، إذ تستفيد منه الشركات الكبرى، التي تنتج العلف المركب، كما أن عدم تحيين لوائح المستفيدين، وغياب معايير واضحة، سواء بالنسبة إلى العلف المركب، أو الشعير المدعم، يؤديان إلى اختلالات كبيرة، تتمثل في استفادة أشخاص لم تعد تربطهم أي صلة بالقطاع.
واستفسرت “الصباح” تقنيين في مندوبيات الوزارة، فتبين أنهم لا يتوفرون على أي معطيات بخصوص لوائح الكسابة والفلاحين، وعدد رؤوس الماشية، كما لا يتوفرون على أي تعليمات بخصوص الاجتهاد في ما يتعلق بالبحث العلمي في المناطق والجهات التي يشتغلون فيها.
وتلقى قطاع إنتاج الحليب ضربة موجعة أخرى، بعد رفع الرسوم على استيراد الحليب المجفف، ما أدى إلى عزوف كبير عن شراء المادة الطرية من المنتجين، قابله إحباط كبير في أوساط الكسابة، خصوصا بعدما أصبحت الشركات والمصانع تعتمد نظام “كوطا”، يحدد كمية الإنتاج التي يتعين على المنتج عدم تجاوزها يوميا.
واضطر منتجون في بعض المناطق إلى التخلص من إنتاجهم بأي طريقة، بعدما أصبحوا عاجزين عن تسويقه.
ومن الطبيعي أن ينعكس هذا الوضع على الاستثمار، خصوصا في استيراد الأبقار الحلوب، أو إنتاجها محليا، في ظل تراجع مؤشر الثقة لدى الفلاحين في سياسة الوزارة، وتخبط قراراتها، التي يعتبرها كثيرون أكثر قسوة من سياسة الوزارة الوصية، منذ تسلم صديقي حقيبتها.
أما إنتاج اللحوم، فتعرض لانتكاسة كبيرة في السنوات الأخيرة، يدفع ثمنها المستهلك، بفعل ارتفاع الأسعار، ثم الفلاح الصغير، الذي أصبح عاجزا عن مجاراة إيقاع “اللوبيات” الكبرى، التي ظهرت في الساحة في عهد الوزير الحالي، وباتت تتحكم في القطاع، بعدما أصبحت المتحكمة في الاستيراد والتسمين والذبح والتسويق.