عشرة وزراء مغاربة لتوقيع اتفاق مع رجل صيني واحد: البيروقراطية في أبهى تجلياتها!

المحرر الرباط

 

في مشهد لا يخلو من نكهة بيروقراطية مغربية خالصة، اجتمع رئيس الحكومة المغربية وعشرة وزراء، إلى جانب مسؤولين آخرين، لتوقيع اتفاقية استثمارية واحدة في قطاع النسيج مع الجانب الصيني. لكن المفارقة المثيرة للسخرية هي أن الصين، المعروفة بالسرعة والفعالية، اكتفت بإرسال شخص واحد فقط، وهو رئيس مجموعة “صنرايز”، السيد لي شو.

حيث استغرب المتتبعون تجييش جيش من الوزراء لمواجهة مستثمر واحد! فإذا كان الصينيون يعتمدون مبدأ “القليل من الكلام، الكثير من العمل”، فإننا في المغرب نفضل مبدأ “الكثير من الوزراء، القليل من النتائج”. فقد وقع على الاتفاقية كل من: وزير الداخلية وزيرة الاقتصاد والمالية وزير التجهيز والماء وزيرة الإسكان وزير التشغيل وزير الصناعة

وزير التعليم العالي وزيرة الانتقال الطاقي وزير الاستثمار وزير الميزانية

دون ان ننسى الحضور “المشرف” للمدير العام لوكالة تنمية الاستثمارات والصادرات، ليبقى السؤال المنطقي هنا: هل الاتفاقية كانت استثمارية أم مهرجانًا وزاريًا؟ أم أن الحكومة تخشى أن يتمكن رجل صيني واحد من “هزم” الإدارة المغربية لوحده؟ ام انها البيروقراطية المغربية الفريدة و ضرورة توقيع عشرات الوزارات و الادارات على كل وثيقة ، ما يضيع الوقت و الجهد و ينفر المستثمرين و يؤكد فشل شعار المكتب الواحد كما فشل غيره من الشعارات

الغريب أن الصين التي تتعدى المليار نسمة بمساحتها القارية و قوتها الاقتصادية و الثقافية و العسكرية الرهيبة تسير بعدد وزراء أقل من المغرب!.
للمقارنة، الصين التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 1.4 مليار نسمة تدير شؤونها بحكومة تتكون من 26 وزيرًا فقط، بينما المغرب ذو الـ37 مليون نسمة لديه عدد مقارب من الوزراء والوزراء المنتدبين، وكأننا بحاجة لوزير لكل حي!

هل كنا بحاجة فعلًا لعشرة وزراء لتوقيع اتفاقية؟ أم أن كل واحد منهم أراد أن يظهر في الصورة التذكارية مع المستثمر الصيني ليقول لاحقًا: “أنا كنت هناك!” ام ان ضرورة توقيعهم مجتمعين هي اعلان فشل لمشروع قبل أن يرى النور
أن استمرار تشكيل الوزارات و الوزارات بدون حقيبة و كتاب الدولة الملحقون و مستشاري الدواوين بناءا على التوافقات و الترضيات و الولاءات و ليس الحاجة و التخصصات و الكفاءات ليس الا تكريس و استمرار للسياسات السابقة التي اعلنت فشلها و لا يمكن انتظار التغيير قبل تغييرها

 

هذه الواقعة ليست سوى نموذج للبيروقراطية المغربية في أبهى تجلياتها: وفود رسمية ضخمة، اجتماعات مطولة، توقيعات لا تنتهي… بينما في النهاية، التنفيذ قد يستغرق سنوات، هذا إن لم يتعثر المشروع برمته!

ربما على المغرب أن يتعلم قليلًا من المدرسة الصينية في الحزم والفعالية، حيث ينجز مسؤول واحد ما يحتاج في المغرب إلى جيش من الوزراء، مع ابتسامات كثيرة… وصورة جماعية بالطبع.

أعجبتك هذه المقالة؟ شاركها على منصتك المفضلة
اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد