المحرر الرباط
في الوقت الذي خرج فيه رئيس الحكومة عزيز أخنوش ليعدد “إنجازات” حكومته في مواجهة أزمات الماء والجفاف والتضخم، فإن الواقع الذي تعيشه شريحة واسعة من المغاربة يدفع إلى التشكيك في مدى مصداقية هذه التصريحات. فرغم الحديث عن تجاوز “شبح العطش” وإطلاق مشاريع لتحويل المياه وتأمين التزود في مدن كبرى مثل طنجة والدار البيضاء والرباط، إلا أن الإشكالات البنيوية التي تعاني منها المملكة في إدارة الموارد المائية ما تزال قائمة، بل وتتفاقم عامًا بعد عام.
تصريحات أخنوش التي حاول من خلالها تمييز حكومته عن سابقتها، توحي وكأن الحكومة الحالية قد أنقذت البلاد من كارثة محققة، بينما المتتبعون للشأن العام يعلمون جيدًا أن الأزمة المائية ليست وليدة اليوم، بل هي نتاج سنوات من السياسات المرتبكة وضعف الاستثمار الحقيقي في البنيات التحتية المائية. فمشروع تحويل المياه من سد إلى آخر، وإن كان مهمًا، يظل مجرد إجراء ظرفي لا يعالج جذور المشكلة المتعلقة بإدارة الطلب على المياه، واستنزاف الموارد الجوفية، وتأخر المشاريع الكبرى لتحلية مياه البحر.
أما فيما يخص مواجهة التضخم، فلا تزال القدرة الشرائية للمواطن تتآكل يومًا بعد يوم، والأسعار في الأسواق تواصل ارتفاعها بنسب تقض مضجع الأسر المغربية، في غياب إجراءات فعالة لوقف نزيف الغلاء. ولعل أخطر ما في تصريحات رئيس الحكومة، هو محاولة إلباس الفشل لباقي الأطراف أو الحكومات السابقة، مع أن مسؤولية التدبير تقع اليوم بالكامل على عاتق الحكومة الحالية، التي رفعت سقف الوعود خلال الحملة الانتخابية، لكنها لم تفِ إلا بالقليل منها، إن لم نقل أخفقت في العديد منها.
ويبدو أن الرهان على خطاب الإنجازات بات استراتيجية تواصلية مكشوفة تهدف إلى امتصاص الغضب الشعبي، في وقت لم تعد الشعارات تكفي أمام واقع اجتماعي صعب، وأزمة ثقة متفاقمة بين المواطن والمؤسسات. فالتحديات الحقيقية تتطلب إصلاحًا هيكليًا شجاعًا، وشفافية في عرض الحقائق، بدل الاكتفاء بالترويج لرواية رسمية لا تعكس تمامًا ما يعيشه المغاربة يوميًا.