المعرض الدولي للفلاحة بمكناس: إشعاع باهت وتنظيم مرتبك

المحرر مراسلة خاصة

يُعد المعرض الدولي للفلاحة بمكناس أحد أبرز التظاهرات الاقتصادية التي تُمثل واجهة للمغرب في القطاع الفلاحي، إذ يُنظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك ويستقطب فاعلين من مختلف دول العالم. غير أن دورة هذه السنة كشفت عن اختلالات تنظيمية صارخة، دفعت العديد من المتتبعين للتساؤل حول مستقبل هذا الموعد الفلاحي الهام، خاصة بعد غياب المندوب العام السابق، الراحل جواد الشامي، الذي بصم لسنوات على تنظيم محكم وإشعاع وطني ودولي معتبر.

خلال افتتاح الدورة السابعة عشرة، الذي ترأسه ولي العهد الأمير مولاي الحسن، سُجلت أخطاء بروتوكولية واضحة، تمثلت في السماح لعدد كبير من المدعوين والمواطنين بولوج موقع الافتتاح بشكل غير منظم، مما خلق حالة من الفوضى والتزاحم، أخلت بالسير العادي للحفل. ولم يكن هذا الارتباك في الاستقبال سوى البداية، إذ رُصد تأخر كبير في تجهيز الجناح الدولي، ما اضطر المنظمين إلى تعديل مسار ولي العهد بشكل مفاجئ لتفادي المرور عبر ورشات لم تكتمل بعد.

أما داخل المعرض، فقد طغت العشوائية على التوجيه والتشوير، إذ اشتكى الزوار من غياب لافتات واضحة، ومن تداخل أسماء الأروقة، مثل وضع لافتة “جناح الصناعات الغذائية” على مدخل جناح الأبناك. هذه الفوضى جعلت التنقل بين الأروقة تجربة مربكة للزوار، الذين وجدوا أنفسهم يعودون مراراً إلى نفس الجناح دون قصد. كما سُجل غياب تام لولوجيات خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، في إخلال واضح بمبادئ التنظيم الشامل.

وفي ما يتعلق بالإعلام والتغطية الصحفية، كان التوزيع العشوائي للدعوات والبادجات سبباً في ارتباك كبير لدى الأجهزة الأمنية والمنظمين، حيث غصت أروقة المعرض بأشخاص لا علاقة لهم بالصحافة، يتسابقون لالتقاط الصور مع الشخصيات الرسمية، مما أعاق عمل الصحفيين وتسبب في احتكاكات مباشرة بينهم وبين المتطفلين.

ولم تسلم الندوات والأنشطة الموازية من سوء التنظيم، حيث طالت الأخطاء تواريخ ومواعيد الفعاليات، إلى جانب توزيع غير مدروس للمقاهي ومرافق الراحة والخدمات، في مشهد يُعطي انطباعاً عاماً بعدم الجاهزية والارتجال.

أضف إلى ذلك غلاء أسعار التذاكر والخدمات، وتسليم تنسيق عدة مهام لجهات غير واضحة ولا تملك خبرة في تدبير حدث دولي بهذا الحجم، وهو ما زاد من حدة الانتقادات. وقد تحدث العديد من الضيوف عن تدخلات متكررة لسيدة مجهولة الصفة في شؤون المعرض، في وقت تساءل فيه كثيرون عن غياب الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.

كل هذه المؤشرات دفعت المتتبعين إلى دق ناقوس الخطر بشأن مستقبل المعرض، متسائلين: كيف يُعقل أن يستمر منصب “مندوب بالنيابة” لأكثر من سنتين؟ وهل من المقبول أن يتولى تدبير معرض دولي بهذه الأهمية موظف تنقصه التجربة والكفاءة والعلاقات الدولية؟ خصوصاً أن المغرب يعوّل على هذا الحدث لتوقيع اتفاقيات شراكة كبرى وبناء شبكة علاقات فلاحية استراتيجية.

اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، بات لزاماً إعادة النظر في الهيكلة التنظيمية لهذا الحدث، والقطع مع منطق الارتجال، حفاظاً على سمعة المغرب، ومكانة هذا المعرض كمنصة دولية للتعاون والاستثمار في القطاع الفلاحي.

أعجبتك هذه المقالة؟ شاركها على منصتك المفضلة
اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد