المحرر الرباط
يبدو أن منطق الصفقات بات يشكل قاعدة اساسية داخل المكتب الوطني للسكك الحديدية، حيث تصل الديون الى أوجها، و يعيش الموظف تحت وطأة التهميش و الاقصاء، لدرجة أن المغادرين للمكتب طواعية منذ سنوات، قد أصبحوا يشكلون رقما يحتاج الى تدقيق و تمعن.
و حسب ما هو متوفر من ارقام فقد يعيش المكتب الوطني للسكك الحديدية بدون ماء ولا هواء، لكنه لا يمكن أن يعيش خارج موقع الصفقات العمومية، الذي تؤكد ارقامه على أن هذه المؤسسة الغارقة في الديون و التي تتطلع الى الحصول على مزيد منها، تعشق الصفقات المليونية.
آخر ما جادت به قرحة اصحاب الصفقات داخل مكتب ربيع لخليع، هو صفقة بقيمة تفوق المائتي مليون سنتيم، جزء منها مخصص لتوفير بيوت الكلاب و صناديق الحراسة، قال المكتب انه سيضعها على مستوى مراكز الصيانة، و قد حدد لهذا الجزء بالضبط مبلغ 1689600 درهم، أي مايعادل المائة و سبعين مليون سنتيم.
من الجميل أن نرى كل هاته الانسانية في الجهات التي وضعت هاته الصفقة لحماية البشر و الحيوان من قسوة الطبيعة، لكن هل يعقل أن يقوم المكتب بتجهيز بيوت لكلاب ستوفرها شركة امن خاص، و أن يصرف عليها كل تلك المبالغ و هو الى حدود الساعة يتوسل القروض من المؤسسات الفرنسية لتمويل مشاريعه؟
و إن جلتم موقع الصفقات العمومية طولا و عرضا، فلن تجدو صفقة واحدة متعلقة بالامن الخاص، قد سبقتها صفقة لشراء منازل لكلاب الحراسة، اللهم المؤسسات التي تمتلك تلك الكلاب، و تقع على عاتقها مسؤولية إيوائها، أما أن تتعاقد مع شركة خاصة للامن بملايين الدراهم، فتجعلها تستفيد من عرض منازل لكلابها، و بقيمة مالية تناهز المائة و السبعين مليون سنتيم فهذا الامر يحتاج فعلا الى فتح تحقيق.
تشكيلة المائة و سبعين مليون سنتيم مكونة من تسعين صندوق حراسة “كاريطة”، و ثمانية و ثلاثون منزل مخصص للكلاب، اي بمجموع 138 منشأة، لا شك أن الصندوق فيها سيتجاوز ثمنه المليون سنتيم، و الجميع يعلم بأن اليراكة في دواوير بولقنادل تباع بخمسة الاف درهم مع اواني المطبخ، و هو ما يدفعنا الى التساؤل عما إذا ربيع لخليع يعي أن المغاربة يشترون الطماطم بعشرين درهم، و أن الازمة قد دفعت الدولة الى استيراد جنون البقر شخصيا من البرازيل.
كلنا نعلم عالم مجال الامن الخاص في بلادنا، بل و كثيرون منا سبق للصدفة أن لاقتهم بحارس امن خاص رفقة كلبه داخل احدى مرافق مكتب لخليع، و الى حدود الساعة فما شاهدناه بأم أعيننا، يؤكد على أن ثمن الشقة التي يعتزم المكتب اقتناءها للكلب، هي في الاساس أغلى سعرا من الكلب نفسه، هذا إذا ما تم اقتناء تلك الشقق بالفعل.
و لأن الامر مرتبط بالمال العام، و بدولة الحق و القانون و ربط المسؤولية بالمحاسبة، نتساءل في حضرة وزير النقل، هل المكتب الوطني للسكك الحديدية مؤهل للاعلان عن صفقة بمائة و سبعين مليون سنتيم لشراء بيوت للكلاب تتوفر فيها معايير لا تتوفر في بعض المنازل التي يقطنها المغاربة في الجبال و الفيافي، و هل من المنطقي أن تصرف كل تلك الاموال من مؤسسة تتوسل القروض من الفرنسيين الى حدود كتابة هاته الاسطر، و في نفس الوقت تصرخ سيدة من رعايا صاحب الجلالة بمدينة تيفلت باكية: “ماعنديش ماناكل”.
نعتذر عن صراحتنا لكن من لا يرقه الانتقاذ لا يدبر الشأن العام ولا يصرف اموال دافعي الضرائب على بيوت الكلاب…