خرجت رابطة علماء المغرب العربي عن صمتها بخصوص التعديلات المقترحة على مدونة الأسرة.
وأكدت الرابطة في بيان لها، يتوفر المحرر على نسخة منه، أن التعديلات التي صرح بها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية “تضمنت مخالفات صريحة للمجمع عليه من شريعة رب العالمين، في مخالفة صريحة لما أعلنه الملك محمد السادس حفظه الله من حد واضح للاجتهاد المطلوب، الذي لا يمس ثوابت الدين وإجماعات الفقهاء والمعتمد من مهذب الإمام مالك رحمه الله، خصوصا في مسائل يعتبر المخالف لها مخالفا لإجماع المسلمين”.
وأضافت الرابطة أنه “لا يجوز الخروج عن أحكام الشريعة الإسلامية حتى لا يصبح القانون مصادما للشريعة وموقعا الناس في الحرج الشديد، وهنا سيضطر الناس إلى اللجوء للإفتاء الشرعي بدل التقاضي إلى المحاكم.
وترى الرابطة أن ما جاء في التعديلات مخالف لإجماع المسلمين، ومن تلك المسائل نجد أن عقد الزواج لا يتم إلا بشهادة شاهدين مسلمين، إذ أن إسقاط هذا الشرط بعد أن أسقطوا الولي في النكاح، يجعل هذا الزواج مخالفا لأركان الزواج في الإسلام، فلا ينعقد النكاح وإن صدر عن المحاكم ودوّن في الوثائق، فالانعقاد الشرعي لا يقع إلا بما أقرته الشريعة الإسلامية.
وفي نقطة أخرى زاد البلاغ، أن ولاية الأب ثابتة على أبنائه بعد الطلاق وقبله، وتخويل الأم الحاضنة النيابة القانونية ظلم للزوج وحرمان له من حق من حقوقه الثابتة، مشددة على أنها لا تعرف في ذلك خلافا بين المسلمين.
واعتبر بيان الرابطة أن ديون الزوجة منفصلة الذمة عن ديون الزوج، ولا يجوز تحميل أحد الزوجين ديون الآخر إلا إن قبل بذلك، معتبرة أن إلزام أحد الزوجين بدين الآخر واستخلاصه من الإرث مخالف لإجماع المسلمين، وفيه إجحاف كبير بالورثة، وأولهم أم الزوجة التي هي امرأة أيضا.
وبخصوص اعتبار عمل الزوجة المنزلي مساهمة في تنمية أموال الزوج من أجل تقاسم أمواله في حال الطلاق، قالت الرابطة إن هذا التعديل هو “قول علماني غربي لم يقل به أحد من الفقهاء، وهو مخالف لأصل الزواج في الإسلام” حسب تعبير الرابطة.
وترى الرابطة أن إيقاف بيت الزوجية عن الدخول في التركة “مخالفة صريحة لكتاب الله، واقتطاع من أموال الورثة بغير حق، وظلم لأم الزوج وسائر ورثته الذين سيحرمون من حقهم في هذا البيت، مع أن أمه قد تكون أشد حاجة لهذا البيتمن زوجته، وهو اجتراء على أحكام الإرث التي تعد من المحكمات في دين االله”.
وأشارت الرابطة إلى أن ما جاء في هذه التعديلات “لم ينبع من نقاش فقهي أو اجتماعي، وإنما هي ضغوط دولية فرضت على المغرب وعلى غيره من البلدان الإسلامية، وأن نتائج هذه التعديلات لن تخدم الأسرة ولا المجتمع ولا المرأة نفسها”.
وحذرت من أن تلك التعديلات “ستزيد عزوف الشباب عن الزواج، ويتصاعد الشقاق والنزاع داخل الأسرة، فتكون المرأة أول المتضررين، وهذا ما ظهر من جراء التعديلات الأولى التي خالفت الشريعة في مسائل أقل من هذه، فكان ما نراه اليوم من الصدع الكبير” وفق تعبيرها.
وفي هذا الإطار، قالت الرابطة إنه “إذا كان اليهود المغاربة يتمتعون بمدونة خاصة بهم، فإنه لمن المؤسف حقا أن يحرم المسلم من شريعة ربه في بلاده”، وتساءلت: “لا ندري لماذا لم يقترح العلماء إيجاد مدونة خاصة بالمذهب المالكي يتحاكم إليها من يريد تطبيق شرع الله في نفسه وأهله وأبنائه، بدل إلزامهم بهذه الأحكام العلمانية التي لن يقبل بها مسلم؟”