تتجاوز أهمية عملية تحرير الرهائن الفرنسيين الإطار الأمني، لتؤكد على الدور المحوري الذي بات يلعبه المغرب على الساحة الدولية. فقد أثبتت المملكة من خلال هذا الإنجاز قدرتها على التعامل مع التحديات المعقدة، وحماية مصالحها ومصالح شركائها.
وساطة مغربية تنهي اعتقال فرنسيين في بوركينافاسو
وبعد عدة محاولات وساطة قامت بها جهات إقليمية، تمكنت المخابرات المغربية، يوم الثلاثاء الماضي من إطلاق سراح أربعة فرنسيين معتقلين منذ دجنبر 2023 في بوركينا فاسو.
واستغلالا لدفء العلاقات بين باريس والرباط، طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قبل بضعة أسابيع، من محمد السادس التوسط لدى النظام البوركينابي الانتقالي بقيادة النقيب إبراهيم تراوري من أجل إطلاق سراح عملاء المخابرات الفرنسية الأربعة. وطلب محمد السادس على الفور، من المخابرات الخارجية المغربية (DGED) التعبئة للتفاوض مع البوركينابيين.
وبالاعتماد على معرفتها الكاملة بمنطقة الساحل، تحركت المخابرات المغربية بسرعة في القضية للحصول ونجحت بالفعل في إطلاق سراح الفرنسيين الأربعة، وهو ما لم ينجح فيه عدد من الأطراف المتدخلة الأخرى عليه نظرا لتعنت بوركينا فاسو، وهذا يمثل نجاحا دبلوماسيا كبيرا للمخابرات المغربية في منطقة الساحل.
مصير الرئيس بازوم
وبالإضافة إلى قضية إطلاق سراح الفرنسيين، فإن المخابرات الخارجية المغربية في حالة تأهب شديد حاليا من أجل إطلاق سراح محمد بازوم الذي أطيح به في 26 يوليو 2023. ويمكن لرئيس المديرية العامة للأمن العام، ياسين المنصوري، الاعتماد على مساعدة الفرنسيين السابقين. الوزير دومينيك شتراوس كان، الذي يقيم في أغلب الأحيان في مراكش. تمت استشارة الرئيس السابق لصندوق النقد الدولي قبل الانقلاب في النيجر من قبل سلطات هذا البلد وظل منذ ذلك الحين مخلصًا جدًا للرئيس النيجيري السابق محمد بازوم.
وبحسب عدة مصادر فإن المحادثات الأولى بين المفاوضين المغاربة والعسكريين الحاكمين في نيامي تبعث على الأمل. وفي حين تواجه معظم الدول الغربية عداء حقيقيا في منطقة الساحل، يستفيد المغرب من آذان صاغية من الطغمات العسكرية التي استولت على السلطة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو. خلال مهمة ثانية هذا الصيف، تؤكد الرسالة السرية لـ “المخابرات الإفريقية”، المطلعة بشكل عام، أن “فريق المديرية العامة للأمن العام تمكن من التحدث مع رئيس الفترة الانتقالية، الجنرال عبد الرحمن تشياني . وقدمت الرباط للمجلس العسكري خطة من شأنها أن تجعل محمد بازوم يستقر في المغرب بمجرد إطلاق سراحه. وقبيل طرحها حرصت الرباط على استشارة نجل الرئيس المخلوع سالم بازوم . ودُعي الشاب الذي يدرس في الإمارات العربية المتحدة سراً لزيارة المملكة، وتم سجنه مع والده قبل إطلاق سراحه في يناير، بفضل وساطة من توغو.
وتندرج مبادرات المديرية العامة للتخطيط والتنمية في إطار سياسة التقارب مع المجالس العسكرية التي استولت على السلطة في منطقة الساحل في السنوات الأخيرة. وسبق أن عقدت عدة اجتماعات بالرباط بين وزير الشؤون الخارجية المغربي ونظرائه من الدول الثلاث الأعضاء في تحالف دول الساحل: بوركينا فاسو ومالي والنيجر.