العلاقات المغربية البلجيكية.. هل تعود المياه إلى مجاريها؟

بعد أشهر عجاف ، ترتفع منذ أسابيع وتيرة اتصالات رسمية بين المغرب وبلجيكا.

فمنذ عام 2017، اندلعت “أزمة صامتة” بين الرباط وبروكسيل، بسبب إتهامات وإدعاءات أصدرها وزير العدل البلجيكي فانسون فان كويكنبورن ضد المغرب.

لكن العلاقات المغربية البلجيكية يبدو أنها قد بدأت تعود إلى طبيعتها الأولى.

أزمة صامتة بين الرباط وبروكسيل:

لطالما اتسمت العلاقات بين بلجيكا والمغرب بنوع من الدينامية من خلال لقاءات ثنائية واتصالات بين مسؤولي البلدين، وخلافا لذلك تميزت العلاقات بين البلدين خلال الأشهر الماضية بنوع من البرود والتوتر الصامت.

فصول هذا التوتر الحاصل تعود أطواره إلى اتهامات وجهها وزير العدل البلجيكي، فانسون فان كويكنبورن، إلى الرباط.

واتهم فان كويكنبورن، المغرب بالشروع في “أعمال تجسس” في مساجد بروكسل، عبر من سمّاهم “أذرع المغرب” في تدبير شؤون الدين الإسلامي ببلجيكا.

الرد المغربي جاء ناريا عبر السفير المغربي ببروكسيل محمد عامر، الذي نفى أي تدخل  للمغرب في تدبير شؤون المساجد ببلجيكا.

وعبر الدبلوماسي المغربي عن “صدمته” بشأن هذه التصريحات، مُعلقاً بالقول إنها “تصريحات تتسم بعدوانية قل نظيرها تجاه بلد منخرط إلى جانب بلجيكا وأوروبا في أوراش جد استراتيجية”.

وأوضح السفير المغربي أن “التدبير الديني هو شأن يعني مسلمي بلجيكا، والمغرب لم يعبر أبدا عن رغبته بالتدخل في ذلك، على اعتبار أن هذا لا يعنيه في شيء وليست لديه مصلحة في القيام بذلك”.

وبخصوص موضوع المسجد الكبير لبروكسل، أبرز السفير أنه يكتسي، بالنسبة لبلجيكا، “أهمية كبرى لأسباب يمكن فهمها، وبالنسبة للمغرب، فهو مكان للعبادة كسائر الأماكن الأخرى”.

ولفت إلى أنه “في بروكسل لوحدها، توجد العشرات من المساجد المشيدة، والمسيرة، والممولة، والمرتادة بشكل رئيسي من طرف المصلين من أصل مغربي”.

وقال الدبلوماسي المغربي: “لا أفهم لماذا يجعل المغرب من هذا المكان العادي المخصص للعبادة نقطة ارتكاز”.

وشدد قائلا: “لعلم أولئك الذين يرون اليد المغربية في كل مكان، فإن جميع المساجد ذات التبعية للمغرب، والتي تعد بالمئات في بلجيكا، هي ممولة ومسيرة بالكامل من طرف المصلين، والمغرب لا يصرف يورو واحدا، لا على البناء ولا على الأئمة”.

وأوضح عامر، في هذا الصدد، أن “المستهدف في هذه الهجمات غير ذات معنى هو على نحو أكبر حضور المغاربة، ولاسيما العلاقات القائمة مع منابعهم الروحية”.

ولفت إلى أن “الجالية المغربية، مثل جميع الجاليات الدينية ببلجيكا، لديها الحق في الحفاظ على الروابط مع منابعها الروحية، على غرار المسيحيين الكاثوليك، واليهود، والبروتستانت، والبوذيين”، متسائلا: “لماذا نسائل المغاربة حول ما هو مكتسب ومقدس بالنسبة للآخرين؟”.

صفحة جديدة:

يبدو أن صفحة الخلافات بين بروكسيل والرباط بدأت تطوى.

فقد أجرى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة،  يوم أمس الثلاثاء 30 مارس الجاري، اتصالا هاتفيا، مع نائبة رئيس الوزراء ووزيرة الشؤون الخارجية والشؤون الأوروبية والتجارة الخارجية والمؤسسات الثقافية الاتحادية لمملكة بلجيكا صوفي ويلميس.

وبحث الطرفان خلال الاتصال العلاقات الثنائية بين البلدين، وتعزيز الحوار السياسي والتعاون القنصلي والقضائي والاقتصادي، ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك.

ونوهت السيدة ويلميس، في هذا الاطار، بالدور الذي تضطلع به الجالية المغربية المقيمة في بلجيكا باعتبارها ركيزة هذه الشراكة النموذجية.

كما أشادت بدور المملكة باعتبارها قاطرة للتنمية وفاعلا مهما في استقرار وازدهار المنطقة والقارة الإفريقية بشكل عام.

وأفاد بلاغ للخارجية المغربية أن السيد بوريطة والسيدة ويلميس اتفقا على أن تقوم الوزيرة البلجيكية بزيارة إلى المغرب خلال العام الجاري، وهي الزيارة التي تأتي تأكيدا للطابع الاستراتيجي للشراكة الثنائية من خلال تعزيز الحوار السياسي والتعاون القنصلي والقضائي واستكشاف مجالات مبتكرة جديدة للتعاون الاقتصادي، مثل تطوير سلاسل القيمة والاقتصاد الأخضر.

وأكد الوزيران كذلك على أهمية مواصلة التعاون حول القضايا ذات الاهتمام المشترك على المستوى متعدد الأطراف وداخل الهيئات الدولية.

 

شارك هذا المقال على منصتك المفضلة

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد