امريكا: دولة عظمى ارتبط اسمها باسم المغرب منذ قرون

المحرر الرباط

من محاسن الصدف، أن تأتي زيارة مساعدة وزير الخارجية الامريكي لشؤون المنظمات الدولية، ميشيل سيسون، مباشرة بعد الهزة التي شهدتها العلاقات المغربية مع الاتحاد الاروبي، بعد تصويت برلمانه على قرار يسمح لاعضائه بحشر أنوفهم في الشأن الداخلي لبلادنا.

زبارة سيسون، جاءت لتستحضر ما بجمع المغرب بالولايات المتحدة الامريكية من علاقات ضاربة في التاريخ، موثقة بتواريخ تسبق تأسيس بعض الدول التي ينحاز لها الاتحاد الاوروبي اليوم، و ظلت على حالها منذ ان كان المغرب أول معترف باستقلال امريكا، و لم يغيرها الزمان و ظروفه على اختلافها.

و إذا كان الاوروبيون يعتقدون أن المغرب لا جناح له يمكنه من التحليق نحو مستقبله بكل استقلالية، فإن علاقاتنا مع أعظم دولة في العالم، كفيلة بتحقيق مكتسبات لا تعد ولا تحصى، و عامل من العوامل التي ستمكنه من مواصلة طريق الاصلاح و التقدم في اتجاه التطور دون أي تدخلات خارجية.

الدور القيادي الذي يلعبه جلالة الملك محمد السادس، في تعزيز السلام و الامن على مستوى شمال افريقيا و الشرق الاوسط، الى جانب المساهمة البنّاءة لبلادنا ضمن قوات خفظ السلام المنضوية تحت لواء مجلس الامن، ينسجمان تماما مع الاستراتيجيات الامنية لامريكا، و يجعلان هذه الدولة تتطلع الى الحفاظ على علاقاتها مع المغرب، و هو ما اكدته سيسون عقب لقائها بناصر بوريطة يوم امس.

و يمكن اعتبار تصريحات مساعدة وزير الخارجية الامريكي، بمثابة موقف لبلاد العم سام، حول تمسكها بالمغرب كشريك استراتيجي قوي، و سعيها لتوطيد الثقة المتبادلة التي ظلت مستمرة لعقود، و دون أن تشهد خيانات كما وقع في علاقات بلادنا مع فرنسا، التي كانت تتعامل معنا ككيان استعماري يمارس علينا الوصاية.

السيدة ميشيل سبسون، اعادت التأكيد يوم أمس على الموقف الامريكي من قضية الصحراء، و الذي شهد أواخر سنة 2020، طفرة مهمة، باعتراف البيت الابيض بمشروع الحكم الذاتي كحل جاد و واقعي للنزاع حول الصحراء، قبل أن ترجمة الموقف الامريكي المعترف بمغربية الصحراء، الى وثيقة رسمية تم توزيعها في حينه على  الدول الاعضاء في الامم المتحدة و البالغ عددهم 193 دولة.

و بمنطق “رب ضارة نافعة”، فإن الموقف الذي اعرب عنه الاتحاد الاروبي، و خصوصا الجمهورية الفرنسية، و الذي اظهر للمغرب لدول افريقيا، أن هذا الكيان يتعامل مع القارة السمراء بمنطق استعماري توسعي بائد، سيكون بمثابة منعرج على طريق بلادنا لاعادة النظر في تحالفاتها، و توجيه تركيزها على حليفها التاريخي و التقليدي، بل و من المتوقع أن تتبعها العديد من الدول الافريقية التي ضاقت ذرعا من استغلال الاروبيين و نهبهم للثروات تحت غطاء الشراكة.

كثيرون هم الخبراء الذي ظلوا يطالبون بالانفتاح الكلي على امريكا، مستدلين على مطالبهم بكون علاقات المغرب مع الاروبيين لم تكن على نحو يضمن مصالح مشتركة للطرفين، بل و أن الاتحاد الاوروبي كان منذ بداية الاتفاقيات يتحرك بمنطق الجهة الغالبة، و القوة الاستعمارية القادرة على فرض رأيها، و هو تماما ما يتنافى مع العلاقة التاريخية التي جمعت بلادنا بأمريكا، بل و أن ما وفع سيكون مناسبة لتطوير الشراكات المغربية الامريكية، لجعلها متكافأة بهدف واحد هو رابح رابح.

الاهداف الاستعمارية للدولة الفرنسية فوق التراب الافريقي، ظهر جليا في عدم رضاها عن اتفاق أبراهام الذي وقعته المملكة المغربية الى جانب الولايات المتحدة الامريكية، خصوصا و أن المغرب انخرط غي هذه الاتفاقية التاريخية باستقلالية تامة، الشيء الذي لم يرق فرنسا التي كانت تسعى الى ممارسة الوصاية على بلادنا حتى في علاقاتها مع باقي دول العالم، و يعتبر هذا الاتفاق من بين الاسباب التي دفعت قصر الاليزيه الى الانتقام من المغرب و السعي الى تقويض علاقاته داخل الاتحاد الاوروبي.

ظلت فرنسا تعيش وهم التحكم في القارة السمراء، الى أن تحرك جلالة الملك بشكل مفاجئ، و بدافع الغيرة على امنا الارض، حيث شكلت مختلف الانجازات التي حققها جلالته على المستوى الافريقي، صدمة لفرنسا التي تأكدت من أن هناك دولة كانت مستعمرة فرنسية، بصدد سحب السجادة من تحت اقدامها، عبر ديبلوماسية ملكية هدفها التوعية و خلق شراكات افريقية افريقية، قادرة على تحقيق مكاسب تضاعف تلك التي تقطرها اوروبا للافارقة، بعد استخواذها على حصة الاسد.

 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد